responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 157
يدعونه إلى الخروج إليهم زمن معاوية، وهو يأبى، فلما بويع يزيد أقام على ما هو مهمومًا يجمع الإقامة مرة ويريد المسير إليهم مرة أخرى، فأشار عليه ابن الزبير بالخروج، وكان ابن العباس يقول له: لا تفعل، وقال له ابن عمر: لا تخرج، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خيره الله بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة، وإنك بضعة منه ولا تنالها -يعني: الدنيا- واعتنقه وبكى وودعه، فكان ابن عمر يقول: غلبنا الحسين بالخروج، ولعمري قد رأى في أبيه وأخيه عبرة، وكلمه في ذلك أيضًا جابر بن عبد الله وأبو سعيد وأبو واقد الليثي وغيرهم، فلم يطع أحدًا منهم، وصمم على المسير إلى العراق، فقال له ابن عباس: والله إني لأظنك ستقتل بين نسائك وبناتك كما قتل عثمان، فلم يقبل منه، فبكى ابن عباس، وقال: أقررت عين ابن الزبير، ولما رأى ابن عباس عبد الله بن الزبير قال له: قد أتى ما أحببت، وهذا الحسين يخرج ويتركك والحجاز، ثم تمثل:
يا لك من قنبرة بمعمر ... خلا لك الجو فبيضي واصفري
ونقري ما شئت أن تنقري
وبعث أهل العراق إلى الحسين والرسل والكتب يدعونه إليهم، فخرج من مكة إلى العراق في عشر ذي الحجة ومعه طائفة من آل بيته رجالًا ونساء وصبيانًا، فكتب يزيد إلى واليه بالعراق عبيد الله بن زياد بقتاله، فوجه إليهم جيشًا أربعة آلاف عليهم عمر بن سعد بن أبي وقاص، فخذله أهل الكوفة كما هو شأنهم مع أبيه من قبله، فلما رهقه السلاح عرض عليه الاستسلام والرجوع والمضي إلى يزيد فيضع يده في يده، فأبوا إلا قتله، فقتل وجيء برأسه في طست حتى وضع بين يدي ابن زياد، لعن الله قاتله وابن زياد معه ويزيد أيضًا.
وكان قتله بكربلاء، وفي قتله قصة فيها طول لا يحتمل القلب ذكرها، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وقتل معه ستة عشر رجلًا من أهل بيته.
ولما قتل الحسين مكثت الدنيا سبعة أيام والشمس على الحيطان كالملاحف المعصفرة، والكواكب يضرب بعضها بعضًا، وكان قتله يوم عاشوراء، وكسفت الشمس ذلك اليوم، واحمرت آفاق السماء ستة أشهر بعد قتله، ثم لازالت الحمرة ترى فيها بعد ذلك اليوم ولم تكن ترى فيها قبلها.
وقيل: إنه لم يقلب حجر بالبيت المقدس يومئذ إلا وجد تحته دم عبيط، وصار الورس الذي في عسكرهم رمادًا، ونحروا ناقة في عسكرهم، فكانوا يرون في لحمها مثل النيران، وطبخوها فصارت مثل العلقم، وتكلم رجل في الحسين بكلمة، فرماه الله بكوكبين من السماء فطمس بصره.
قال الثعالبي: روت الرواة من غير وجه عن عبد الملك بن عمير الليثي قال: رأيت في هذا القصر -وأشار إلى قصر الإمارة بالكوفة- رأس الحسين بن علي بين يدي عبيد الله بن زياد على ترس، ثم رأيت رأس عبيد الله بن زياد بين يدي المختار بن أبي عبيد، ثم رأيت رأس المختار بين يدي مصعب بن الزبير، ثم رأيت رأس مصعب بين يدي عبد الملك، فحدثت بهذا الحديث عبد الملك فتطير منه وفارق مكانه.

اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 157
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست