responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ الإسلام - ط التوفيقية المؤلف : الذهبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 87
رَوَى نَحْوَهُ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ.
وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "انْظُرُوا قُرَيْشًا كَيْفَ يَصْرِفُ اللَّهُ عَنِّي شَتْمَهُمْ وَلَعْنَهُمْ، يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا وَيَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا، وَأَنَا مُحَمَّدٌ" [1]. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَفَشَا الْإِسْلَامُ بِمَكَّةَ ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ فَقَالَ {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} [2] وقال {وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ} [3] قَالَ: وَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا صَلَّوْا ذَهَبُوا فِي الشِّعَابِ وَاسْتَخْفَوْا بِصَلاتِهِمْ مِنْ قَوْمِهِمْ، فَبَيْنَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي نَفَرٍ بِشِعْبٍ، إِذْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ نَفَرٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ يُصَلُّونَ فَنَاكَرُوهُمْ وَعَابُوا عَلَيْهِمْ وَقَاتَلُوهُمْ فَضَرَبَ سَعْدٌ رَجُلا مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِلَحْيِ[4] بَعِيرٍ فَشَجَّهُ، فَكَانَ أَوَّلَ دَمٍ فِي الْإِسْلامِ، فَلَمَّا بَادَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَوْمَهُ وَصَدَعَ بِالْإِسْلامِ، لَمْ يَبْعُدْ مِنْهُ قَوْمُهُ وَلَمْ يَرُدُّوا عَلَيْهِ، فِيمَا بَلَغَنِي، حَتَّى عَابَ آلِهَتَهُمْ، فَأَعْظَمُوهُ وَنَاكَرُوهُ وَأَجْمَعُوا خلافه وعداواته، فَحَدَبَ عَلَيْهِ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ، وَمَنَعَهُ وَقَامَ دُونَهُ، فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يَعْتِبُهُمْ مِنْ شَيْءٍ أَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ، وَرَأَوْا أَنَّ عَمَّهُ يَمْنَعُهُ مَشَوْا إِلَى أَبِي طَالِبٍ فَكَلَّمُوهُ، وَقَالُوا: إِمَّا أَنْ تَكُفَّهُ عَنْ آلِهَتِنَا وَعَنِ الْكَلامِ فِي دِينِنَا، وَإِمَّا أَنْ تُخَلِّيَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، فَقَالَ لَهُمْ قَوْلًا رَفِيقًا، وَرَدَّهُمْ رَدًّا جَمِيلا، فَانْصَرَفُوا.
ثُمَّ بعد ذلك تباعد الرجال وتضاغنوا، أكثرت قُرَيْشٌ ذِكْرَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَضَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَيْهِ، وَمَشَوْا إِلَى أَبِي طَالِبٍ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالُوا: إِنَّ لَكَ نَسَبًا وَشَرَفًا فِينَا، وَإِنَّا اسْتَنْهَيْنَاكَ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ فَلَمْ تَنْهَهُ وَإِنَّا وَاللَّهِ مَا نَصْبِرُ عَلَى شَتْمِ آلِهَتِنَا وَتَسْفِيهِ أَحْلامِنَا حَتَّى تَكُفَّهُ أو تنازله وَإِيَّاكَ فِي ذَلِكَ، حَتَّى يَهْلِكَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْهُ، فَعَظُمَ عَلَى أَبِي طَالِبٍ فراق قومه وعداواته لَهُمْ، وَلَمْ يَطِبْ نَفْسًا أَنْ يُسَلِّمَ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- لهم ولا أن يخذله[5].

[1] صحيح: أخرجه البخاري "3533" في كتاب المناقب، باب: ما جاء في أَسْمَاءَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والبيهقي في "سننه" "8/ 252" وفي "الدلائل" "1/ 152".
[2] سورة الحجر: 94.
[3] سورة الحجر: 89.
[4] اللحى: العظم الذي على الفخذ.
[5] انظر "سيرة ابن هشام" "1/ 258-261".
اسم الکتاب : تاريخ الإسلام - ط التوفيقية المؤلف : الذهبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 87
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست