responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ الإسلام - ط التوفيقية المؤلف : الذهبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 113
تَرِيشُ نِبَالًا لَا يُوَاتِيكَ رِيشُهَا ... وَتَبْرِي نِبَالًا رِيشَهَا لَكَ أَجْمَعُ
وَحَارَبْتَ أَقْوَامًا كِرَامًا أَعِزَّةً ... وَأَهْلَكْتَ أَقْوَامًا بِهِمْ كُنْتَ تَفْزَعُ
سَتَعْلَمُ إِنْ نَابَتْكَ يَوْمًا مُلِمَّةٌ ... وَأَسْلَمَكَ الْأَوْبَاشُ مَا كُنْتَ تَصْنَعُ
وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: ثُمَّ إِنَّ قُرَيْشًا ائْتَمَرُوا وَاشْتَدَّ مَكْرُهُمْ، وَهَمُّوا بِقَتْلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْ إِخْرَاجِهِ، فَعَرَضُوا عَلَى قَوْمِهِ أَنْ يُعْطُوهُمْ دِيَتَهُ وَيَقْتُلُوهُ، فأبوا حميّةً.
"عدم ثبوت قصة الغرانيق":
وَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شِعْبَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْحَبَشَةِ فَخَرَجُوا مَرَّتَيْنِ؛ رَجَعَ الَّذِينَ خَرَجُوا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى حِينَ أُنْزِلَتْ سُورَةُ النَّجْمِ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَقُولُونَ: لَوْ كَانَ مُحَمَّدٌ يَذْكُرُ آلِهَتَنَا بِخَيْرٍ قَرَرْنَاهُ وَأَصْحَابَهُ، وَلَكِنَّهُ لَا يذكر من حالفه من اليهود والنّصارى بمصل مَا يَذْكُرُ بِهِ آلِهَتَنَا مِنَ الشَّتْمِ، وَالشَّرِّ. وكأن رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَمَنَّى هُدَاهُمْ، فَأُنْزِلَتْ {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [1]، فَأَلْقَى الشَّيْطَانُ عِنْدَهَا كَلِمَاتٍ "وَإِنَّهُنَّ الْغَرَانِيقُ الْعُلَا، وَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى" فَوَقَعَتْ فِي قَلْبِ كُلِّ مُشْرِكٍ بِمَكَّةَ، وَدَالَتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ وَتَبَاشَرُوا بِهَا. وقالوا: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ رَجَعَ إِلَى دِينِنَا، فَلَمَّا بلغ آخر النّجم سجد النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسَجَدَ كُلُّ مَنْ حَضَرَ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ مُشْرِكٍ، غَيْرَ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا رَفَعَ مِلْءَ كَفَّيْهِ تُرَابًا فَسَجَدَ عَلَيْهِ، فَعَجِبَ الْفَرِيقَانِ كِلَاهُمَا مِنْ جَمَاعَتِهِمْ فِي السُّجُودِ، بِسُجُودِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَجِبَ الْمُسْلِمُونَ بِسُجُودِ الْمُشْرِكِينَ مَعَهُمْ، وَلَمْ يَكُنِ الْمُسْلِمُونَ سَمِعُوا مَا أَلْقَى الشَّيْطَانُ، وَأَمَّا الْمُشْرِكُونَ فَاطْمَأَنُّوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ، لما أَلْقَى الشَّيْطَانُ، وَأَمَّا الْمُشْرِكُونَ فَاطْمَأَنُّوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ، لِمَا أُلْقِيَ فِي أُمْنِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَدَّثَهُمُ الشَّيْطَانُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ قَرَأَهَا فِي السَّجْدَةِ، فَسَجَدُوا تَعْظِيمًا لِآلِهَتِهِمْ.
وَفَشَتْ تِلْكَ الْكَلِمَةُ فِي النَّاسِ، وَأَظْهَرَهَا الشَّيْطَانُ، حَتَّى بَلَغَتْ أَرْضَ الْحَبَشَةِ وَمَنْ بِهَا مِنَ المسلمين عثمان ين مَظْعُونٍ وَأَصْحَابِهِ، وَحَدَّثُوا أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ قَدْ أَسْلَمُوا كُلُّهُمْ وَصَلُّوا، وَأَنَّ الْمُسْلِمِينَ قَدْ أَمِنُوا بِمَكَّةَ، فَأَقْبَلُوا سِرَاعًا، وَقَدْ نَسَخَ اللَّهُ مَا ألقى

[1] سورة النجم: 19-20.
اسم الکتاب : تاريخ الإسلام - ط التوفيقية المؤلف : الذهبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 113
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست