وفيهَا: مَاتَ كافور الأخشيدي الْخصي الْأسود من موَالِي مُحَمَّد بن طغج صَاحب مصر وَاسْتولى على مصر ودمشق بعد موت أَوْلَاد الأخشيد فَإِنَّهُ ملك بعد الأخشيد ابْنه أنوجور وَالْأَمر إِلَى كافور ثمَّ ابْنه الآخر عَليّ، وَتُوفِّي صَغِيرا سنة خمس وَخمسين وثلثمائة فاستقل كافور بالمملكة، كَانَ شَدِيد السوَاد اشْتَرَاهُ الأخشيد بِثمَانِيَة عشر دِينَارا. قَالَ المتنبي: كنت أَدخل على كافور أنْشدهُ وَهُوَ يضْحك إِلَى أَن أنشدته:
(وَلما صَار ود النَّاس خبا ... جزيت على ابتسام بابتسام)
(وصرت أَشك فِيمَن أصطفيه ... لعلمي أَنه بعض الْأَنَام)
قَالَ: فَمَا ضحك بعْدهَا فِي وَجْهي، فعجبت من فطنته. وقبره بالقرافة الصُّغْرَى.
قلت: وَفِي تَارِيخ ابْن الْمُهَذّب المعري أَن كافورا توفّي بِمصْر وَحمل إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَالله أعلم.
وَكَانَ يدعى لَهُ على المنابر بِمَكَّة والحجاز جَمِيعه والديار المصرية وَالشَّام، وعمره خمس وَسِتُّونَ تَقْرِيبًا، وَولي بعده أَبُو الفوارس أَحْمد بن عَليّ بن الأخشيد وخطب لَهُ فِي جُمَادَى الأولى سنة سبع وَخمسين وثلثمائة.
قلت: وَفِي تَارِيخ ابْن الْمُهَذّب إِنَّه تولى مصر بعد وَفَاة كافور نحرير الأخشيدي، وزحف إِلَيْهِ الْقَائِد جَوْهَر فِي عَسَاكِر الْمعز وطالت الحروب بَينهم وَقتل هَذَا نحريرا الأخشيدي سنة ثَمَان وَخمسين وثلثمائة، وولوا بعده من الاخشيدية رجلا اسْمه تبر فغلبه جَوْهَر المغربي وَدخل مصر وملكها وَأقَام بهَا بَقِيَّة سنة ثَمَان وَخمسين وتسع وَخمسين قبل مَجِيء الْمعز، وَالله أعلم.
وفيهَا: مَاتَ سيف الدولة أَبُو الْحسن عَليّ بن عبد اللَّهِ بن حمدَان بن حمدون الثَّعْلَبِيّ الربعِي بحلب فِي صفر وَنقل تابوته إِلَى ميافارقين، ومولده سنة ثَلَاث وثلثمائة، ومرضه بعسر الْبَوْل والفالج، وَهُوَ أول من ملك حلب من بني حمدَان أَخذهَا من أَحْمد بن سعيد الْكلابِي نَائِب الأخشيد.
وَمن شعر سيف الدولة فِي أَخِيه نَاصِر الدولة:
(وهبت لَك الْعليا وَقد كنت أَهلهَا ... وَقلت لَهُم بيني وَبَين أخي فرق)