responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الملوك والأمم المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 299
قَالَ: لا، من هُوَ؟ قَالَ: ملك من ملوك الأَرْض أعطاه اللَّه سلطانا عَلَى أَهْل الأَرْض فغشم وظلم وعتى، فلما رأى [اللَّه] [1] ذَلِكَ منه حسمه بالموت فصار كالحجر الملقى، قد أحصى الله عليه عمله حَتَّى يجازيه بِهِ فِي آخرته. ثُمَّ تناول جمجمة أُخْرَى إِلَيْهِ، فَقَالَ: يا ذا الْقَرْنَيْنِ، هل تدري من هَذَا؟ قَالَ: لا من هَذَا؟ قَالَ: ملك ملكه اللَّه بعده قَدْ كَانَ يرى مَا يصنع الَّذِي قبله بِالنَّاس من الظلم والغشم التجبر، فتواضع وخشع للَّه عَزَّ وَجَلَّ وعمل بالعدل فِي أَهْل مملكته، فصار كَمَا ترى قَدْ أحصى اللَّه عَلَيْهِ عمله حَتَّى يجزيه بِهِ فِي آخرته، ثُمَّ أهوى إِلَى جمجمة ذي الْقَرْنَيْنِ، [وَقَالَ: وَهَذِهِ الجمجمة تصير إِلَى مَا صارت إِلَيْهِ هذه الجماجم، فانظر يا عَبْد اللَّهِ مَا أَنْتَ صانع] [2] ، فَقَالَ لَهُ ذو الْقَرْنَيْنِ: هل لَكَ فِي صحبتي فأتخذك وزيرا وشريكا فيما أنا فِيهِ من هَذَا المال، فَقَالَ:
مَا أصلح أنا وأنت فِي مكان، قَالَ: وَلَمْ؟ قَالَ: من أجل أَن النَّاس كلهم لَكَ عدو ولي صديق، قَالَ: وَلَمْ ذَلِكَ؟ قَالَ: يعادُونَك لما فِي يدك من الْمَلِك ولا أجد أحدا يعاديني لرفضي ذَلِكَ فانصرف عَنْهُ ذو الْقَرْنَيْنِ [3] .
وذكروا أَن ذا الْقَرْنَيْنِ لما رجع عَنْ سلوك الظلمة قصد بلاد خراسان، فلما صار إِلَى نهر بَلْخ هاله أمره، فأمرهم بشق الخشب الغلاظ وترقيقها، ثُمَّ أمر الحدادين فضربوا المسامير ثم أمر بثلاثمائة سفينة فصنعت، وأمر بحبال من ليف وبحبال من قنب فنصعت غلاظا طوالا، فأمر ببناء [جسر] [4] من جانبي النهر وشدت تلك الحبال منهما ممدودا عَلَى الماء عرضا، وجعلت السفن جسرا بَيْنَ الحبال فِي صدور السفن وَفِي إعجازها لتمسكها، ثُمَّ أمر بالخشب فقطع بمقدار عرض السفن، وقصدت سقفا، وهيل عَلَيْهِ التراب ولب بالماء حَتَّى اطمأن ونشف، فلما أمكن العبور عَلَيْهِ عبره بجيوشه سائرا إِلَى قومس، فاشتكى فأخذه الرعاف حَتَّى مَات فِي طريقه، وَقَدْ كَانَ حِينَ بلغ الصين أمر بمدن كثيرة فبنيت هنالك، فمنها: الدبواسية، وحمدان، وشيرك، وبرج الحجارة، وَكَذَلِكَ أمر حِينَ بلغ الهند فبنى هنالك مدينة سرنديب، وَلَهُ غَيْر هذه الأبنية فِي النواحي التي طافها.

[1] ما بين المعقوفتين: من المرآة.
[2] ما بين المعقوفتين: من المرآة.
[3] الخبر في مرآة الزمان 1/ 332، ومختار الحكم 238- 239.
[4] ما بين المعقوفتين: من مرآة الزمان 1/ 334.
اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الملوك والأمم المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 299
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست