responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الملوك والأمم المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 291
قَالُوا: الْخَيْلُ، قَالَ: فَأَيُّهَا أَبْصَرُ؟ قَالُوا: الإِنَاثُ أَبْصَرُ، قَالَ: فَأَيُّ الإِنَاثِ؟ قَالُوا:
الْبَكَارَةُ.
فَأَرْسَلَ ذُو الْقَرْنَيْنِ فَجُمِعَ لَهُ سِتَّةُ آَلافِ فَرَسٍ أُنْثَى بَكَارَةً، ثُمَّ انْتَخَبَ مِنْ أَهْلِ عَسْكَرِهِ. أهل الجلد وَالْعَقْلِ سِتَّةَ آَلافِ رَجُلٍ، فَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ فَرَسًا، وَعَقَدَ لِلْخَضْرِ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ عَلَى أَلْفَيْنِ، وَكَانَ الْخَضْرُ وَزِيرَ ذِي الْقَرْنَيْنِ، وَهُوَ ابْنُ خَالَتِهِ. وَبَقِيَ ذُو الْقَرْنَيْنِ فِي أَرْبَعَةِ آَلافٍ، فَقَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ لِلنَّاسِ: لا تَبْرَحُوا مِنْ عَسْكَرِكُمْ هَذَا اثْنَتَي عَشْرَةَ سَنَةً فَإِنْ نَحْنُ رَجَعْنَا إِلَيْكُمْ فَذَلِكَ وَإِلا فَارْجعُوا إِلَى بِلادِكُمْ، فَقَالَ الْخَضْرُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّا نَسْلُكُ ظُلَّمَةً لا نَدْرِي كَمُ السَّيْر فِيهَا وَلا يُبْصِرُ بَعْضُنَا بَعْضًا، فَكَيْفَ نَصْنَعُ بِالضَّلالِ إِذَا أَصَابَنَا؟
فَدَفَعَ ذُو الْقَرْنَيْنِ إِلَى الْخَضْرِ خَرَزَةً حَمْرَاءَ، فَقَالَ: حَيْثُ يُصِيبُكَ الضَّلالُ فَاطْرَحْ هَذِهِ الْخَرَزَةِ إِلَى الأَرْضِ فَإِذَا صَاحَتْ فَلْيَرْجِعْ إِلَيْهَا أَهْلُ الضَّلالِ. فَسَارَ الْخَضْرُ بَيْنَ يَدَي ذِي الْقَرْنَيْنِ يَرْتَحِلُ وَنَزَلَ ذُو الْقَرْنَيْنِ وَقَدْ عَرَفَ الخضر مَا يَطْلُبُ ذُو الْقَرْنَيْنِ، وَذُو الْقَرْنَيْنِ يَكْتُمُ الْخَضْرَ.
فَبَيْنَمَا الْخَضْرُ يَسِيرُ إِذْ عَارَضَهُ وَادٍ، فَظَنَّ الْخَضْرُ أَنَّ الْعَيْنَ فِي الْوَادِي، فَلَّمَا قَامَ عَلَى شَفِيرِ الْوَادِي قَالَ لأَصْحَابِهِ: قِفُوا وَلا يَبْرَحَنَّ رَجُلٌ مِنْ مَوْقِفِهِ، وَرَمَى بِالْخَرَزَةِ في الوادي، فمكث طويلا ثم أضاءته الْخَرَزَةَ وَطَلَبَ صَوْتَهَا، فَانْتَهَى إِلَيْهَا فَإِذَا هِيَ على حافة العين، فنزع الخضر ثِيَابَهُ ثُمَّ دَخَلَ الْعَيْنَ، فَإِذَا مَاءٌ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى/ مِنَ الشَّهْدِ فَشَرِبَ وَاغْتَسَلَ وَتَوَّضَّأَ ثُمَّ خَرَجَ فَلَبِسَ ثِيَابَهُ ثُمَّ رَمَى بِالْخَرَزَةِ نَحْو أَصْحَابِهِ فَصَاحَتْ، فَرَجَعَ الْخَضْرُ إِلَى صَوْتِهَا وَإِلَى أَصْحَابِهِ، فَأَخَذَهَا وَرَكِبَ فَسَارَ. وَمَرَّ ذُو الْقَرْنَيْنِ فَأَخْطَأَ الْوَادِي فَسَلَكُوا تِلْكَ الظلمة أربعين يَوْمًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَخَرَجُوا إِلَى ضَوْءٍ لَيْسَ بِضَوْءِ شَمْسٍ وَلا قَمَرٍ، وَأَرْضٍ حَمْرَاءَ، وَرَمْلَةٍ. وَإِذَا قَصْرٌ مَبْنِيٌّ فِي تِلْكَ الأَرْضِ طَوْلُهُ فَرْسَخٌ فِي فَرْسَخٍ مُسَوَّرٌ لَيْسَ عَلَيْهِ بَابٌ، فَنَزَلَ ذُو الْقَرْنَيْنِ بِعَسْكَرِهِ ثُمَّ خَرَجَ وَحْدَهُ حَتَّى دَخَلَ الْقَصْرَ، فَإِذَا حَدِيدَةٌ طَرَفَاهَا عَلَى حَافَّتَي الْقَصْرِ، وَإِذَا طَائِرٌ أَسْوَدٌ كَأَنَّهُ الْخُطَّافُ أَوْ شُبِّهَ بِالْخُطَّافِ، مَذْمُومٌ بِأَنْفِهِ إِلَى الْحَدِيدَةِ، مُعَلَّقٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْض فَلَمَّا سَمِعَ الطَّائِرُ خَشْخَشَةَ ذِي الْقَرْنَيْنِ، قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: أَنَا ذُو الْقَرْنَيْنِ، فَقَالَ الطَّائِرُ: يَا ذَا القرنين أما كفاك ما وراءك حتى وصلت إِلَيَّ، يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ حَدَّثَنِي هَلْ كَثُرَ الْبِنَاءُ بِالأجُرِ وَالْجُصِّ؟

اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الملوك والأمم المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 291
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست