اسم الکتاب : المماليك البحرية وقضائهم على الصليبيين في الشام المؤلف : شفيق جاسر أحمد محمود الجزء : 1 صفحة : 133
جهاد السلطان الناصر قلاوون ضد الصليبيين:
لم يكد السلطان قلاوون يعتلي عرش مصر، حتى تمرد عليه نائب الشام، الأمير شمس الدين سنقر الأشقر، فأعلن نفسه ملكا باسم الملك الكامل، واستولى على عدة حصون من حصون الشام، منها قلعة صهيون، ثم اتصل بأعداء المسلمين من مغول وصليبيين[6] محاولا الاستعانة بهم ضد قلاوون، مما جعل أهل الشام ينفرون منه، وينفضون من حوله، ويتخلون عن نصرته، واستغل المغول هذه الفرصة، فاحتلوا بعض حصون الشام 769 هـ (1280م) ، واستولوا بقيادة أبغا على مدينة حلب، التي أحرقوا مساجدها ومدارسها وقتلوا معظم أهلها[7]، ولم يُضع الصليبيون هذه الفرصة، فقاموا بمحاولة لاسترداد حصن الأكراد، ولكنهم فشلوا8. وعندما علم قلاوون بهذا التحالف وهذه [6] أبو الفداء: المحتضر، حوادث سنة 679. [7] أبو المحاسن: النجوم الزاهرة: 7/ 299.
king: the knights hospitalers in the holy land. (London 1931) p282. 8
ولكنه عندما علم بخروج الحملة الصليبية الثامنة من فرنسا خشي أن تكون جهتها مصر، فسارع إليها للاستعداد لمواجهة هذا الخطر[1]، وعندما تيقن من توجه تلك الحملة إلى تونس عاد عام 670 هـ (1271م) لمواصلة هجومه على طرابلس فطلب أميرها بوهيمند السادس الصلح، ووصلت الأخبار بوصول الأمير إدوارد[2] الأول إلى عكا، فظن أنها مقدمة لحملة صليبية كبرى، فاستجاب بيبرس لطلب بوهيمند وعقد معه صلحا مدته عشر سنوات[3]، وتبعتها مملكة بيت المقدس فعقدت صلحا مماثلا، مما مكن بيبرس من التفرغ لقتال المغول والإسماعيلية، فوجه همه نحو الإسماعيلية، "الحشاشين" الذين كانوا يعادون المسلمين ويتآمرون مع الصليبين ضدهم، ويغتالون كبار المجاهدين من قادتهم كما تعاونوا مع المغول، ودفعوا لهم الأتاوات[4]، فعزل مقدمهم نجم الدين الشعراني، وهدم حصونهم وقضي عليهم، بعد أن سلموها له وأشهرها الكهف والقدموس والمنطقة، وعوضهم عنها بإقطاعات[5]. [1] السيد عبد العزيز سالم: طرابلس الشام في التاريخ الإسلامي، ص: 269. [2] أصبح ملك إنجلترا فيما بعد، كان معه حوالي 1000 محارب، جاء البلاد بناء على اتفاق مع أبغاخان المغولي على غزو مصر والشام، ولكن انشغال ابغا بمحاربة مغول التركستان حال دون ذلك، فعاد إدوارد بعد أن طعنه أحدهم بسكين، وبعد أن عقد هدنة مع بيرس مدتها عشر سنوات (سعيد عاشور: الحروب الصليبية: ص 1159) . [3] أثناء المفاوضات اندس بيبرس بين أعضاء وفده إلى بوهيميند كخادم ليتمكن من الاطلاع على حصون طرابلس. (المقريزي: السلوك: 1/ 594) . [4] السيد عبد العزيز سان: طرابلس الشام في التاريخ الإسلامي، ص: 269. [5] ابن كثير البداية والنهاية 13/ 264.
اسم الکتاب : المماليك البحرية وقضائهم على الصليبيين في الشام المؤلف : شفيق جاسر أحمد محمود الجزء : 1 صفحة : 133