responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام المؤلف : جواد علي    الجزء : 1  صفحة : 72
أيضًا على أهمية شعر الشعراء المخضرمين بالقياس إلى عمل هذا المؤرخ؛ فقد أسهم أكثر الشعراء المخضرمين في أحداث وقعت في الجاهلية، وكان منهم من جالس "آل نصر" و "آل غسان"، وبقية سادات العرب، فورد في شعرهم أخبارهم وأحوالهم وطباعهم وغير ذلك. كما نجد في شعرهم مادة عن الحياة العقلية والمادية في أيامهم. ثم إن حياتهم اتصلت بالإسلام؛ فلم يكن شعرهم وما قالوه ورووه بعيد عهد عن أهل الأخبار ورواة الشعر، وهو من ثم أقرب إلى المنطق والواقع من شعر الجاهليين لبعدهم عن الرواة بعض البعد.
ولم ينج هذا الشعر أيضًا من الوضع؛ فحمل على بعض الشعراء مثل "حسان ابن ثابت" بعض الشعر لأغراض، منها العصبية القبيلة، كما سأتحدث عن ذلك بعد. وفي الجملة إن المؤرخ الحاذق الناقد لن تفوته هذه الملاحظة حين رجوعه إلى هذا الشعر إلى ما ورد على ألسنة الشرّاح.
وتعرضت كتب السِيَر والمغازي لأخبار الجاهلية بقدر ما كان للجاهلية من صلة بتاريخ الرسول، كما تعرضت لها كتب الأدب وكتب الأنساب والمثالب والبيوتات ومجامع الأمثال والكتب التي ألّفت في أخبار المعمرين، وفي الأيام، وفي البلدان، وفي المعجمات والجغرافية والسياحات وغير ذلك، فورد في ثناياها أخبار قيّمة عن هذه الجاهلية المتصلة بالإسلام. وهي موارد عظيمة الأهمية لمؤرخ هذه الحقبة، كثيرة العدد، هيأها عدد كبير من العلماء لا يمكن استقصاؤهم في هذه المقدمة، ولا التحدث عن مؤلفاتهم، وهو حديث يحتاج إلى فصول.
على أنّا يجب أن نأخذ بعض هذه الموارد المذكورة بحذر جدّ شديد، ولا سيما كتب "الأخبار والمثالب والمناقب والمآثر والأنساب"، فإن مجال الوضع والصنعة بها واسع كبير، لما للعواطف القبيلية فيها من يد ودخل، وللحزبية والأغراض فيها من تأثير. وطالما نسمع أن فلانًا وضع كتابًا في مثالب القبيلة الفلانية أو في مدحها ترضية لرجال تلك القبيلة، أو لحصوله على مال منها. ومن هنا وجب الاحتراس كل الاحتراس من هذه الموارد، ووجوب نقد كل رواية فيها قبل الاعتماد عليها والأخذ بها كمورد صحيح دقيق.
وفي كتب الأدب ثروة تأريخية قيمة، مبثوثة في صفحاتها، لا نجد لها مثيلًا ولا مكانًا في كثير من الأحايين في كتب أهل التأريخ عن التأريخ الجاهلي، حتى إني لأستطيع أن أقول إن ما أورده رجال الأدب عنه هو أضعاف أضعاف ما

اسم الکتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام المؤلف : جواد علي    الجزء : 1  صفحة : 72
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست