اسم الکتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام المؤلف : جواد علي الجزء : 1 صفحة : 66
الأفواه، خلا ما يتعلق منها بأخبار صلات الفرس بالعرب وبأخبار آل نصر وآل غسان وبأخبار اليمن المتأخرة، فقد أخذت من موارد مرتبة يظهر أنها كانت مكتوبة كما سأتحدث عن ذلك.
والموارد المذكورة كثيرة، منها مصنفات في التاريخ، ومنها مصنفات في الأدب بنوعيه. من نثر ونظم، ومنها كتب في البلدان والرحلات والجغرافيا وفي موضوعات أخرى عديدة، هي وإن كانت في أمور لا تعد من صميم التاريخ، إلا أنها مورد من الموارد التي يجب الاستعانة بها في تدوين تاريخ الجاهلية؛ لأنها تتضمن مادة غزيرة تتعلق بتاريخ الجاهلية القريبة من الإسلام والمتصلة به، لا نجد لها ذكرًا في كتب التاريخ؛ فلا بد لمؤرخ الجاهلية من الأخذ منها لإتمام التاريخ.
الحق أننا أردنا البحث عن مورد يصور لنا أحوال الحياة الجاهلية، ويتحدث لنا عن تفكير أهل الحجاز عند ظهور الإسلام، فلا بد لنا من الرجوع إلى القرآن الكريم ولا بد من تقديمه على سائر المراجع الإسلامية، وهو فوقها بالطبع. ولا أريد أن أدخله فيها؛ لأنه كتاب مقدس، لم ينزل كتابًا في التاريخ أو اللغة أو ما شاكل ذلك، ولكنه نزل كتابًا عربيًا، لغته هي اللغة العربية التي كان يتكلم بها أهل الحجاز، وقد خاطب قومًا نتحدث عنهم في هذا الكتاب؛ فوصف حالتهم وتفكيرهم وعقائدهم، ونصحهم وذكَّرهم بالأمم والشعوب العربية الخالية[1]، وطلب منهم ترك ما هم عليه، وتطرّق إلى ذكر تجاراتهم، وسياساتهم وغير ذلك. وقد مثّلهم أناس كانت لهم صلات بالعالم الخارجي، واطلاع على أحوال من كان حولهم. وفيه تفنيد لكثير من الآراء المغلوطة التي نجدها في المصادر العربية الإسلامية؛ فهو مرآة صافية للعصر الجاهلي، وهو كتاب صدق لا سبيل إلى الشك في صحة نصه.
وفي القرآن الكريم ذكر لبعض أصنام أهل الحجاز، وذكر لجدلهم مع الرسول [1] سورة هود سورة 11 آية 95، سورة الحج، سورة 22 آية42، سورة الشعراء، سورة 26 آية 141، سورة الحاقة، سورة 69 آية 4، سورة ق، سورة 50 آية 14، سورة الدخان، سورة 44 آية 37، سورة الفيل، سورة 105، آية 1، سورة البروج، سورة 85 آية 4.
اسم الکتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام المؤلف : جواد علي الجزء : 1 صفحة : 66