اسم الکتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام المؤلف : جواد علي الجزء : 1 صفحة : 236
الحجرية وأناخوا فيها مدة ثم انتشروا منها[1]، وإما طريق المندب حيث دخلوا العربية السعيدة من مواضع مختلفة من الحبشة ومن أرض "فنط[2] punt". وهي الصومال الحديثة[3]. وقد أكسبتهم إقامتهم في بلاد العرب خصائص جديدة، ووسمتهم بسمات اقْتَضَتْهَا طبيعة الوطن الثاني، ولكنها لم تتمكن من القضاء على الخصائص الأولى التي تشير إلى الوطن الأول قضاءً تامًا، ولا على الصلة بين اللغات الحامية والسامية التي تشير إلى الأصل المشترك كذلك[4].
وهذه النظرية، بالرغم من دفاع بعض كبار علماء اللغات والأجناس عنها لا تخلو من ضعف، ومن مواطن ضعفها أنها غَضّتْ الطرف عن الاعتبارات التأريخية، واستسلمت لدراسات لم تنضج بعد، فمن الممكن مثلا إرجاع ما لاحظه علماء اللغات السامية واللغة المصرية القديمة إلى عوامل الهجرات السامية من جزيرة العرب وعن طريق سيناء إلى إفريقيا، مثل هجرة "الهكسوس" وهم من أصل سامي جاءوا مصر من بلاد العرب. وقد ثبت أيضا من تحقيقات العلماء أن كثيرًا من الأسماء المصرية القديمة التي كانت تطلق على الأقسام الشرقية من الديار المصرية هي أسماء سامية. وإذا سوّغ علماء النظرية الإفريقيا لأنفسهم الاستدلال على إفريقيا الساميين من وجود القرابة اللغوية بين اللغة المصرية واللغات السامية مثلا، فإن من الممكن إرجاع هذه القرابة إلى أثر الهجرات السامية في اللغة المصرية [1] Barton, P. 6, Jornal of the Anthrop. Inst, XI, 431. [2] يجب تعريب punt ب"فنط"، قياسا على طريقة تعريب الأسماء الأعجمية إلى العربية. وقد عربها بعضهم بـ "فوط: وتقابل كلمة "فوط" كلمة put أو phut الواردة في التوراة أنها مسكن ابن حام الثالث؛ غير أن علماء التوراة لم يتفقوا حتى الآن على موضع "فوط"، فذهب بعضهم إلى أنها في نواحي طرابلس الغرب "ليبيا"، ورأى آخرون إنها بين مصر و"كوش"، أي السودان أو الحبشة، وربما كانت نوبيا الجنوبية، وهناك آراء أخرى. فلا أرى من الصحيح تسمية punt" بفوط لمكان هذا الاختلاف، راجع عن "فوط"، أرميا، إصحاح 46، آية 6، وحزقيال، إصحاح 37، آية 10، 30، آية 5، و 38، آية 5، ناحوم، إصحاح 3 آية 9، قاموس الكتاب المقدس "2/ 18"، عربت في ترجمة "تأريخ العرب المطول" للدكتور حتى بـ "فوط" ص42
Hastings, P. 777, Enc. Bibl, P. 3984. [3] حتى "ص13"، [4] Barton, P.,8.
اسم الکتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام المؤلف : جواد علي الجزء : 1 صفحة : 236