اسم الکتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام المؤلف : جواد علي الجزء : 1 صفحة : 165
ويفهم من العربية الصحراوية أحيانًا "بادية السماوة"[1]، وقد يجعلون حدودها على مقربة من بحيرة النجف، أي في حدود الحيرة القديمة؛ حيث تبدأ "بطائح كلدية" التي كانت تشغل إذ ذاك مساحة واسعة من جنوب العراق. وعرفت عند بطلميوس باسم "amardocaea" وهي تمتد حتى تتصل ببطائح "maisanios kolpos" أو "خليج مسنيوس" "خيلج ميسان"، الذي يكون امتداد الخليج العربي "persikos kopos". وكل ما وقع جنوب ذلك الخط الوهمي، عدّ في العربية السعيدة[2].
وقد فهم "ديودورس" من "العربية الصحراوية" المناطق الصحراوية التي تسكنها القبائل المتبدية، وتقع في شمالها وفي شمالها الشرقي في نظره أرض مملكة "تدمر". وأما حدّها الشمالي الغربي والغربي حتى ملتقاها بالعربية الحجرية، فتدخل في جملة بلاد الشام. وأما حدودها الشرقية، فتضرب في البادية إلى الفرات. فأراد بها البادية إذن. وقد جعل من سكانها الإرميين والنبط[3].
وتقابل العربية الصحراوية، ما يقال له "أربي" عند الأشوريين، و "ماتو أربي" عند البابليين، و "أرباية" عند السريان والفرس.
كانت البادية، بادية الشام، أو "العربية الصحراوية"، مأهولة بالقبائل العربية، سكنتها قبل الميلاد بمئات السنين. وليست لدينا مع الأسف، نصوص كتابية قديمة أقدم من النصوص الأشورية التي كانت أول نصوص أشارت إلى العرب في هذه المنطقة، وذكرت أنه كانت لديهم حكومات يحكمها ملوك. وأقدم هذه النصوص هو النص الذي يعود تأريخه إلى سنة 854 ق. م[4]. وقد ورد فيه اسم العرب في جملة من كان يعارض السياسة الآشورية، ولما كان هذا النص يشير إلى وجود مشيخة أو مملكة عربية، يحكمها ملك فلا يعقل أن يكون العرب قد نزلوا في هذا العهد في هذه البادية، بل تشير كل الدلائل إلى أن وجودهم فيها كان قبل هذا العهد بأمد، وربما كان قبل الألف الثاني قبل الميلاد. وقد كانت هذه القبائل تهاجم أرض ما بين النهرين وبلاد الشام، وتكون مصدر [1] Musil, Deserta, P., 235. [2] Musil, Deserta, P., 500, 503, Stephan of Byzantium, Ethnica, P., 237, (Ed. Melneke) . [3] Musil, Deserta, P., 499, Diodorus, Bibl. Hist., 11, 54. [4] DD Luckenbill, Ancient Records of Assyria and Bobyonia, Vol., 1, 611.
اسم الکتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام المؤلف : جواد علي الجزء : 1 صفحة : 165