responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام المؤلف : جواد علي    الجزء : 1  صفحة : 154
خاصة، وصيرت معظم أهلها بدوًا بالرغم منهم، فأقول لك: إن الرأي المنتشر أن هذه الصحاري تكوّنت من تفتت الأحجار الرملية بتأثير الرياح والجفاف فيها[1]. ويؤيد وجود مثل هذه الأحجار في الشمال الغربي من بلاد العرب هذا الرأي كثيرًا، ويظهر أنه رأي علمي ينطبق على بعض الصحاري انطباقًا كبيرًا، غير أنه لا يحل مشكلة مصدر الرمل الأحمر المتكوّن من أحجار غير رملية الذي يغطي مساحات واسعة من صحراء النفود، بينما الرمل الناشيء من الأحجار الرملية لا يغطي إلّا مساحات ضيقة بالنسبة إلى المناطق الأخرى. وهذا يدل دلالة صريحة على أن رمال "النفود" لم تتكون من تفتت الأحجار الرملية حسب، بل من عوامل أخرى كالتقلبات الجوية وتأثيرها في قشرة الأرض[2].
يكون ظاهر التربة الأجرد معرضًا لحرارة الشمس والتغيرات الجوية مباشرة؛ إذ لا أشجار تحميه، ولا أعشاب تحافظ على تماسك ذراته وحفظها من تلك التغيرات. فإذا انقطعت الأمطار، جفت التربة، فتفتتت تدريجيًّا، وتستطيع الرياح أن تعبث فيها بكل سهولة، وتتمكن الرياح التي سرعتها 18 كيلومتر في الساعة من إثارة الطبقات الرملية الخفيفة والأتربة الباقية المبعثرة على سطح الأرض.
وإذا هبت الرياح بسرعة 33 كيلومترًا في الساعة، امتلأ الجو بالغبار، فإذا ازدادت السرعة، استحالت إلى عواصف تؤثر تأثيرًا كبيرًا في سطح الأرض فتحمل ما عليه من أتربة، وتعرض الطبقات السفلى التي كانت تحت هذه الأتربة لفعل الجو المباشر؛ ليحدث لها ما حدث في الطبقة التي كانت فوقها، وهكذا تتحول هذه المناطق إلى صحاري، وتتكون الرمال حينئذ من التربة المتفتتة لا من تهشم الأحجار الرملية أو الكلسية وحدها[3].
وتهب مثل هذه الرياح في الشمال الغربي من جزيرة العرب من نهاية شهر "آذار" مارس حتى نهاية شهر "أيار" مايس، وتهب في أغلب الأحيان هبوبًا فجائيًّا، وتستمر يومين أو ثلاثة أيام، وتنتهي في بعض الأحيان برعد

[1] Moritz, S. 17.
[2] المصدر نفسه
[3] Moritz, S., 17, Arabia Deserta, Vol., 2, P., 656.
اسم الکتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام المؤلف : جواد علي    الجزء : 1  صفحة : 154
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست