اسم الکتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام المؤلف : جواد علي الجزء : 1 صفحة : 149
وقد اشتهرت بعض مناطق الحرار بالخصب والنماء وبكثرة المياه فيها، ولا سيما حرار الحجاز التي استُغلت استغلالًا جيّدًا، ومنها "خيبر"، التي مُيّزت على سائر القرى، فقيل عنها إنها "خير قرى عربية"[1]؛ غير أن ظهور العيون فيها بكثرة، جعلها موطناً من مواطن الحمّى، اشتهر أمرها في الحجاز حتى قيل: "حمى خيبر"2. واستفاد الجاهليون من الحرار باستخراج الأحجار منها، كأحجار الرحى والمعادن، فكانت موطنًا من مواطن التعدين القديمة فيها[3].
ويدرس علماء طبقات الأرض بعناية بلاغة توزيع الحرار في جزيرة العرب، وتقصي أنواع الحجارة التي يكثر وجودها مثل الحجارة الكلسية والغرانيتية والرملية وتوزّعها، والينابيع الحارة في الأحساء[4]، لما في هذه الدراسات من أهمية بالنسبة إلى اكتشاف الموارد الطبيعية، والثروات الكامنة في الأرض.
ويظن أن فعل البراكين كان له أثر خطير في العصور ال "أيوسينية" "eocene"؛ إذ ثارت براكين عديدة في جزيرة العرب وفي الحبشة وفي السواحل الإفريقية المقابلة لجزيرة العرب. وقد أثرت هذه البراكين بالطبع في شكل الأرضين التي ثارت فيها وفي شكل الأرضين القريبة منها، وقد ظهرت براكين فعّالة نشيطة في العصور "البليوسينية" "pliocene" أيضًا، أثرت كذلك في شكل سطح الأرض، بأن أحدثت فيها تضاريس، لا تزال آثارها تشاهد حتى الآن[5].
وفي جزيرة العرب عيون وينابيع، تخرج منها مياه حارة؛ ففي عسير وفي الحجاز وفي اليمن وفي حضرموت وعمان والأحساء والهفوف وفي مواضع أخرى
1 "خير قرى عربية خيبر"، ابن سعد، الطبقات "1/ 50" "قسم 2" zwemer, arabia, p, 23, mortiz, s, 12
2
كأن به -إذ جئته- خيبرة ... يعود عليه وردها وملالها
قلت لحمى خيبر: استعدي ... هاك عيالي فاجهدي وجدي
وباكري يصالب وورد ... أعانك الله على ذا الجند
البلدان "3/ 497"، الحماسة "طبعة فرايتاك" "ص64"، صفة 118، نقائض جرير 620. [3] مثل حرة سليم، وحرة الرفاع على ساحل البحر الأحمر شمالي غربي ينبع، البلدان "3/ 258"، "8/ 526"، تاج العروس "3/ 635" [4] ENcy. Brit. Vol. 2, P. 174. [5] Naval, PP., 19.
اسم الکتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام المؤلف : جواد علي الجزء : 1 صفحة : 149