responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المعجب في تلخيص أخبار المغرب المؤلف : المَرَّاكُشي، عبد الواحد    الجزء : 1  صفحة : 205
وكان قد وجه إليهم يستدعيهم إلى أن يعينوه، على أن يجعل لهم سبي البلد، وله هو المدينة خاصة؛ ففعلوا ذلك، ونزلوا عليها من البر والبحر؛ فملكوها وسبوا أهلها؛ وملك ابن الريق -لعنه الله- البلد.
وتجهز أمير المؤمنين في جيوش عظيمة، وسار حتى عبر البحر؛ ولم يكن له هم إلا مدينة شلب المذكورة، فنزل عليها؛ فلم تطق الروم دفاعه، وخرجوا عنها وعما كانوا قد ملكوه من أعمالها؛ ولم يكفه ذلك حتى أخذ حصنًا من حصونهم عظيمًا يقال له: "طُرُّش"؛ ورجع إلى مراكش.
طامع آخر من بني عبد المؤمن
وبعد رجوعه مرض مرضًا شديدًا خِيف عليه منه؛ وكان قد ولى أخاه أبا يحيى الأندلس، فجعل يتلكأ في خروجه ويبطئ تربصًا به وطمعًا في وفاته؛ وكلما أفاق هو سأل: هل عبر أبو يحيى أم لا؟ فلما بلغ أبا يحيى استحثاثه إياه، أسرع إلى العبور وهو لا يشك أن أول ما يرد عليه خبر وفاته؛ فاستمال أشياخ الجزيرة ودعاهم إلى نفسه، وقال: ما تركت أمير المؤمنين إلا هامَةَ1 اليوم أو غد، وليس لها غيري! فجعل أشياخ الجزيرة يحيل بعضهم على بعض، وأهل بلد على أهل بلد؛ حتى بلغ مرسية؛ وكتبوا بذلك مساطير خوفًا على أنفسهم.
وأفاق أمير المؤمنين من مرضه، وأشار عليه الأطباء بالسفر، فخرج قاصدًا مدينة فاس، يحمل في مِحَفَّة على بغلين؛ وبلغه أمر أبي يحيى المذكور، وجاءته كتب أهل الأندلس والمساطير التي كتبوها.
ولما سمع أبو يحيى بحركته، جاء معتذرًا إليه حتى عبر البحر، فلقيه بمدينة سلا؛ فلما وقعت عينه عليه قال لمن عنده: هذا الشقي قد جاء! وأمر به فقُيِّد، ووجه إلى أشياخ الأندلس فحضروا وأدوا شهاداتهم؛ وأمر به فأحضر وقال: إنما أقتلك بقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا بُويع خليفتان بأرض فاقتلوا الآخر منهما"! وأمر به فضربت عنقه، تولى قتله أخوه لأبيه عبد الرحمن بن يوسف؛ وذلك بمحضر من الناس، وأمر به فكفن ودفن؛ وأقبل على القرابة فنال منهم بلسانه وأخذ منهم أخذًا شديدًا، وأمر

1- الهامة: طائر صغير يألف المقابر، وقيل: هو طائر زُعم أنه يخرج من هامة القتيل -أي رأسه- ويقول: اسقوني اسقوني، حنى يؤخذ بثأره، ويقال له: الصَّدى. وقوله: "إلا هامة اليوم أو غد"، أي: يموت اليوم أو غدًا. ومنه قول كثير بن عبد الرحمن:
وكل خليل راءني فهو قائل ... مِنَ اجْلكِ هذا هامة اليوم أو غدِ
"ديوان كثير: 116".
اسم الکتاب : المعجب في تلخيص أخبار المغرب المؤلف : المَرَّاكُشي، عبد الواحد    الجزء : 1  صفحة : 205
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست