اسم الکتاب : المختصر في أخبار البشر المؤلف : أبو الفداء الجزء : 1 صفحة : 97
وكان كنعان من جملة الذين اتفقوا على بناء الصرح، فلما بلبل الله تعالى ألسنتهم في أواخر سنة ستمائة وسبعين للطوفان، وتفرقوا، نزل كنعان في الشام ونزل في جهة فلسطين، وتوارثها بنوه، وكان كل من ملك من بني كنعان يلقب جالوت، إِلى أن قتل داود جالوت آخر ملوكهم، وكان اسمه كلياد عن البيروني ذكر ذلك في أواخر كتاب الجواهر، فتفرقت بنو كنعان وسار منهم طائفة إلى المغرب وهم البربر.
البربر
وقد اختُلِفَ في البربر اختلافاً كثيراً، فقيل: إِنهم من ولد فارق بن بيصر بن حام البربر يزعمون أنهم من ولد قيس غيلان، وصنهاجة من البربر تزعم أنها من ولد إفريقس بن صيفي الحميري، وزناتة منهم تزعم أنها من لخم، والأصح أنهم من ولد كنعان حسبما ذكرنا، وأنه لما قتل ملكهم جالوت، وتفرقت بنو كنعان، قصدت منهم طائفة بلاد المغرب وسكنوا تلك البلاد، وهم البربر، وقبائل البربر كثيرة جداً.
منهم كثامة وبلادهم بالجبال، من الغرب الأوسط، وكثامة الذين أقاموا دولة الفاطميين مع أبي عبد الله الشيعي.
ومنهم صنهاجة ومن صنهاجة ملوك أفريقية بنو بلكين بن زبري.
ومن قبائل البربر زناتة وكان منهم ملوك فاس وتلمسان وسجلماسة، ولهم الفروسية والشجاعة المشهورة.
ومن البربر المصامدة وسكناهم في جبل درن، وهم الذين قاموا بنصر المهدي بن تومرت، وبهم ملك عبد المؤمن وبنوه بلاد المغرب.
وانفرق من المصامدة قبيلة هنتانة، وملك منهم إفريقية والغرب الأوسط، أبو زكريا يحيى بن عبد الواحد بن أبي حفص، ثم خطب لولده أبي عبد الله محمد ابن يحيى بالخلافة واستمر على ذلك إلى سنة اثنتين وخمسين وستمائة، على ما سنذكرهم إن شاء الله تعالى.
ومن قبائل البربر المشهورة برغواطة ومنازلهم في نأمسنا وجهات سلا على البحر المحيط، والبربر مثل العرب في سكنى الصحارى، ولهم لسان غير العربي، قال ابن سعيد: ولغاتهم ترجع إِلى أصول واحدة، وتختلف فروعها حتى لا تفهم إِلا بترجمان.
أمة عاد
وهم من ولد عاد بن عوص بن أرم بن سام بن نوح، وكانت عاد في نهاية من عظم الأجساد والتجبر، ونزل عاد لما تبلبلت الألسن في حضرموت وأرسل الله إِلَى بني عاد هوداً نبياً، حسبما تقدم ذكره في الفصل الأول، فلم يستجيبوا له، وكانوا أهل قوة وبطش وكان لهم في الأرض آثار عظيمة، حتى قال لهم هود " أتبنون بكل ربع آية تعبثون. وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون. وإذا بطشتم بطشتم جبارين " " الشعراء: 28 ا - 129 - 130 " وبلاد عاد يقال لها الأحقاف، وهي
اسم الکتاب : المختصر في أخبار البشر المؤلف : أبو الفداء الجزء : 1 صفحة : 97