اسم الکتاب : المختصر في أخبار البشر المؤلف : أبو الفداء الجزء : 1 صفحة : 79
داحس.
ثم سبقت الغبراء أيضاً الخطار والحنفاء فأنكر حذيفة ذلك كله وادّعى السبق، فوقع الخلف بين بني بدر وبني قيس، وكان بين الربيع بن زياد وَبين قيس خلف بسبب درع اغتصبها الربيع من قيس، وكان يسوء الربيع اتفاق بني بدر مع قيس، فلما وقع بينهم بسبب السباق سره ذلك، ولما اشتد الأمر بينهم قتل قيس ندبة بن حذيفة، وكان لقيس أخ يقال له مالك بن زهير، وكان نازلا على بني ذبيان، فلما أبلغهم قتل ندبة، قتلوا مالك بن زهير المذكور غيلة، ولما بلغ الربيع بن زياد مقتل مالك غم ذلك عليه جداً، وعطف على قيس وانتصر له وعمل الربيع أبياتاً في مقتل مالك منها:
من كان مسروراً بمقتل مالك ... فليأت نسوتنا بوجه نهار
يجد النساء حواسراً يندبنه ... ويقمن قبل تبلج الأسحار
ثم اجتمع قيس والربيع واصطلحا وتعانقا، وقال قيس للربيع إِنه لم يهرب منك من لجأ إِليك، ولم يستغن عنك من استعان بك، واجتمع إِلى قيس والربيع بنو عبس، واجتمع إِلى بني بدر بنو فزارة وذبيان، واشتدت الحروب بينهم وهي المعروفة بينهم بحرب داحس فاقتتلوا أولا فقتل عوف بن بدر، وانهزمت فزارة، وقتلت بنو عبس فيهم قتلاً ذريعاً، ثم اتقعوا ثانياً فانتصرت بنو عبس أيضاً، وكانت الدائرة على فزارة، وقتل الحارث بن بدر وطالت الحروب بينهم، وكان آخرها أنهم اتقعوا فانهزمت فزارة، وانفرد حذيفة وحمل أخوه ومعهما جماعة يسيرة وقصدوا جفر الهباة فلحقهم بنو عبس وفيهم قيس والربيع بن زياد وعنترة، وحالوا بين بني بدر وبين خيلهم وقتلوا حذيفة وأخاه حملا ابني بدر، وأكثر الشعراء في ذكر جفر الهباة ومقتل بني بدر عليه، وظهرت في هذه الحروب شجاعة عنترة بن شداد.
ثم أن فزارة بعد مقتل بني بدر ساعدتهم قبائل كثيرة، لأنهم أعظموا قتل بني بدر، فلما قويت فزارة سارت بنو عبس ودخلوا على كثير من أحياء العرب، ولم يطل لهم مقام عند أحد منهم، وآخر الحال أن بني عبس قصدوا الصلح مع فزارة. فأجابتهم شيوخ فزارة إِلى ذلك.
وتم الصلح بينهم، وقيل أن بني عبس لما سارت إِلى بني فزارة واصطلحوا معهم لم يسر معهم الملك قيس، بل انفرد عن بني عبس وتاب وتنصر وساح في الأرض حتى انتهى إِلى عمان، فترهب بها زماناً، وقيل أن قيساً تزوج في النمر بن قاسط لما انفرد عن بني عبس وولد له ولد اسمه فضالة، وبقي فضالة المذكور حتى قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وعقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم على من معه من قومه، وكانوا تسعة وهو عاشرهم.
وكان بين ملوك العرب وقائع في أيام مشهورة فمنها يوم خزار اتقعت فيه بنو ربيعة بن نزار، وهو ربيعة الفرس، وقبائل اليمن، وكانت الدائرة على اليمن، وانتصرت بنو ربيعة عليهم وقتلوا منهم خلقاً كثيراً، وقيل: أن قائد بني ربيعة كان كليب وائل المقدم الذكر، وخزار جبل بين البصرة
اسم الکتاب : المختصر في أخبار البشر المؤلف : أبو الفداء الجزء : 1 صفحة : 79