responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 9
أَعْلَاقُ الْفَضْلِ بِإِقْبَالِهِ عَلَيْهَا نَافِقَةٌ وَأَرْوَاحُ الْجَهْلِ بِإِعْرَاضِهِ عَنْهَا نَافِقَةٌمَنْ أَحْيَا الْمَكَارِمَ وَكَانَتْ أَمْوَاتًا وَأَعَادَهَا خَلْقًا جَدِيدًا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ رُفَاتًا مَنْ عَمَّ رَعِيَّتَهُ عَدْلُهُ وَنَوَالُهُ وَشَمَلَهُمْ إِحْسَانُهُ وَإِفْضَالُهُ، مَوْلَانَا مَالِكُ الْمُلْكِ الرَّحِيمُ الْعَالِمُ الْمُؤَيَّدُ الْمَنْصُورُ الْمُظَفَّرُ بَدْرُ الدِّينِ رُكْنُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ مُحْيِي الْعَدْلِ فِي الْعَالَمِينَ خَلَّدَ اللَّهُ دَوْلَتَهُ.
فَحِينَئِذٍ أَلْقَيْتُ عَنِّي جِلْبَابَ الْمَهَلِ وَأَبْطَلْتُ رِدَاءَ الْكَسَلِ وَأَلْقَيْتُ الدَّوَاةَ وَأَصْلَحْتُ الْقَلَمَ وَقُلْتُ: هَذَا أَوَانُ الشَّدِّ فَاشْتَدِّي زِيَمْ وَجَعَلْتُ الْفَرَاغَ أَهَمَّ مَطْلَبٍ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَمْرًايَّأَ لَهُ السَّبَبَ وَشَرَعْتُ فِي إِتْمَامِهِ مُسَابِقًا، وَمِنَ الْعَجَبِ أَنَّ السِّكِّيتَ يَرُومُ أَنْ يَجِيءَ سَابِقًا وَنَصَبْتُ نَفْسِي غَرَضًا لِلسِّهَامِ وَجَعَلْتُهَا مَظَنَّةً لِأَقْوَالِ اللُّوَّامِ لِأَنَّ الْمَآخِذَ إِذَا كَانَتْ تَتَطَرَّقُ إِلَى التَّصْنِيفِ الْمُهَذَّبِ وَالِاسْتِدْرَاكَاتِ تَتَعَلَّقُ بِالْمَجْمُوعِ الْمُرَتَّبِ الَّذِي تَكَرَّرَتْ مُطَالَعَتُهُ وَتَنْقِيحُهُ وَأُجِيدَ تَأْلِيفُهُ وَتَصْحِيحُهُ فَهِيَ بِغَيْرِهِ أَوْلَى وَبِهِ أَحْرَى عَلَى أَنِّي مُقِرٌّ بِالتَّقْصِيرِ فَلَا أَقُولُ إِنَّ الْغَلَطَ سَهْوٌ جَرَى بِهِ الْقَلَمُ، بَلْ أَعْتَرِفُ بِأَنَّ مَا أَجْهَلُ أَكْثَرُ مِمَّا أَعْلَمُ.
وَقَدْ سَمَّيْتُهُ اسْمًا يُنَاسِبُ مَعْنَاهُ وَهُوَ: الْكَامِلُ فِي التَّارِيخِ وَلَقَدْ رَأَيْتُ جَمَاعَةً مِمَّنْ يَدَّعِي الْمَعْرِفَةَ وَالدِّرَايَةَ وَيَظُنُّ بِنَفْسِهِ التَّبَحُّرَ فِي الْعِلْمِ وَالرِّوَايَةِ يَحْتَقِرُ التَّوَارِيخَ وَيَزْديهَا وَيُعْرِضُ عَنْهَا وَيَلْغِيهَا ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ غَايَةَ فَائِدَتِهَا إِنَّمَا هُوَ الْقِصَصُ وَالْأَخْبَارُ، وَنِهَايَةُ مَعْرِفَتِهَا الْأَحَادِيثُ وَالْأَسْمَارُ وَهَذِهِ حَالُ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْقِشْرِ دُونَ اللُّبِّ نَظَرُهُ، وَأَصْبَحَ مُخْشَلَبًا جَوْهَرُهُ، وَمَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ طَبْعًا سَلِيمًا وَهَدَاهُ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا عَلِمَ أَنَّ فَوَائِدَهَا كَثِيرَةٌ وَمَنَافِعَهَا الدُّنْيَوِيَّةَ وَالْأُخْرَوِيَّةَ جَمَّةٌ غَزِيرَةٌ، وَهَا نَحْنُ نَذْكُرُ شَيْئًا مِمَّا ظَهَرَ لَنَا فِيهَا وَنَكِلُ إِلَى قَرِيحَةِ النَّاظِرِ فِيهِ مَعْرِفَةَ بَاقِيهَا.
فَأَمَّا فَوَائِدُهَا الدُّنْيَوِيَّةُ فَمِنْهَا: أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُحِبُّ الْبَقَاءَ وَيُؤْثِرُ أَنْ يَكُونَ

اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 9
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست