responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 88
نَهْرٍ فَيُصَوِّبُ رُءُوسَهَا فِيهِ وَيَقُولُ: اشْرَبِي! اسْتِهْزَاءً بِقَوْمِهِ. حَتَّى فَشَا ذَلِكَ عَنْهُ فِي قَوْمِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ خَبَرُهُ نُمْرُودَ. فَلَمَّا بَدَا لِإِبْرَاهِيمَ أَنْ يَدْعُوَ قَوْمَهُ إِلَى تَرْكِ مَا هُمْ عَلَيْهِ وَيَأْمُرَهُمْ بِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى دَعَا أَبَاهُ إِلَى التَّوْحِيدِ فَلَمْ يُجِبْهُ، وَدَعَا قَوْمَهُ، فَقَالُوا: مَنْ تَعْبُدُ أَنْتَ؟ قَالَ: رَبَّ الْعَالَمِينَ. قَالُوا: نُمْرُودُ؟ قَالَ: بَلْ أَعْبُدُ الَّذِي خَلَقَنِي. فَظَهَرَ أَمْرُهُ. وَبَلَغَ نُمْرُودَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ أَرَادَ أَنْ يُرِيَ قَوْمَهُ ضَعْفَ الْأَصْنَامِ الَّتِي يَعْبُدُونَهَا لِيُلْزِمَهُمُ الْحُجَّةَ، فَجَعَلَ يَتَوَقَّعُ فُرْصَةً يَنْتَهِي بِهَا لِيَفْعَلَ بِأَصْنَامِهِمْ ذَلِكَ، فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ: إِنِّي سَقِيمٌ، أَيْ طَعِينٌ، لِيَهْرُبُوا مِنْهُ إِذَا سَمِعُوا بِهِ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ إِبْرَاهِيمُ لِيَخْرُجُوا عَنْهُ لِيَبْلُغَ مِنْ أَصْنَامِهِمْ. وَكَانَ لَهُمْ عِيدٌ يَخْرُجُونَ إِلَيْهِ جَمِيعُهُمْ. فَلَمَّا خَرَجُوا قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ فَلَمْ يَخْرُجْ مَعَهُمْ إِلَى الْعِيدِ، وَخَالَفَ إِلَى أَصْنَامِهِمْ وَهُوَ يَقُولُ: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} [الأنبياء: 57] فَسَمِعَهُ ضَعْفَى النَّاسِ وَمَنْ هُوَ فِي آخِرِهِمْ، وَرَجَعَ إِلَى الْأَصْنَامِ وَهِيَ فِي بَهْوٍ عَظِيمٍ بَعْضُهَا إِلَى جَنْبِ بَعْضٍ لِكُلِّ صَنَمٍ يَلِيهِ أَصْغَرُ مِنْهُ حَتَّى بَلَغُوا بَابَ الْبَهْوِ وَإِذَا هُمْ قَدْ جَعَلُوا طَعَامًا بَيْنَ يَدَيْ آلِهَتِهِمْ، وَقَالُوا: نَتْرُكُ الْآلِهَةَ إِلَى حِينِ نَرْجِعُ فَتَأْكُلُهُ. فَلَمَّا نَظَرَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنَ الطَّعَامِ قَالَ: أَلَا تَأْكُلُونَ فَلَمَّا لَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ قَالَ: {مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ - فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ} [الصافات: 92 - 93] ، فَكَسَرَهَا بِفَأْسٍ فِي يَدِهِ حَتَّى إِذَا بَقِيَ أَعْظَمُ صَنَمٍ مِنْهَا رَبَطَ الْفَأْسَ بِيَدِهِ ثُمَّ تَرَكَهُنَّ.
فَلَمَّا رَجَعَ قَوْمُهُ، وَرَأَوْا مَا فُعِلَ بِأَصْنَامِهِمْ رَاعَهُمْ ذَلِكَ، وَأَعْظَمُوهُ، وَقَالُوا: {مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ - قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} [الأنبياء: 59 - 60] يَعْنُونَ يَسُبُّهَا وَيَعِيبُهَا، وَلَمْ نَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ الَّذِي نَظُنُّهُ صَنَعَ بِهَا هَذَا. وَبَلَغَ ذَلِكَ نُمْرُودَ وَأَشْرَفَ قَوْمُهُ، فَقَالُوا: {فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ} [الأنبياء: 61] مَا نَفْعَلُ بِهِ، وَقِيلَ: يَشْهَدُونَ عَلَيْهِ، كَرِهُوا أَنْ يَأْخُذُوهُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ، فَلَمَّا أُتِيَ بِهِ، وَاجْتَمَعَ لَهُ قَوْمُهُ عِنْدَ مَلِكِهِمْ نُمْرُودَ، وَقَالُوا: {أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَاإِبْرَاهِيمُ - قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ} [الأنبياء: 62 - 63] ، غَضِبَ مِنْ أَنْ يَعْبُدُوا هَذِهِ الصِّغَارَ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهَا فَكَسَرَهَا،

اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 88
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست