responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 684
وَاللَّهِ لَا تُشَقُّ. قَالَ زَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ: أَنْتَ وَاللَّهِ أَكْذَبُ، مَا رَضِينَا بِهَا حِينَ كُتِبَتْ. قَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ: صَدَقَ زَمْعَةُ، لَا نَرْضَى مَا كُتِبَ فِيهَا. قَالَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ: صَدَقْتُمَا وَكَذَبَ مَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمْرٍو نَحْوًا مِنْ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو جَهْلٍ: هَذَا أَمْرٌ قُضِيَ بِلَيْلٍ. وَأَبُو طَالِبٍ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ.
فَقَامَ الْمُطْعِمُ إِلَى الصَّحِيفَةِ لِيَشُقَّهَا فَوَجَدَ الْأَرَضَةَ قَدْ أَكَلَتْهَا إِلَّا مَا كَانَ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ، كَانَتْ تُفْتَتَحُ بِهَا كُتُبُهَا، وَكَانَ كَاتِبَ الصَّحِيفَةِ مَنْصُورُ بْنُ عِكْرِمَةَ، فَشُلَّتْ يَدُهُ.
وَقِيلَ: كَانَ سَبَبُ خُرُوجِهِمْ مِنَ الشِّعْبِ أَنَّ الصَّحِيفَةَ لَمَّا كُتِبَتْ وَعُلِّقَتْ بِالْكَعْبَةِ اعْتَزَلَ النَّاسُ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، وَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو طَالِبٍ وَمَنْ مَعَهُمَا بِالشِّعْبِ ثَلَاثَ سِنِينَ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ الْأَرَضَةَ وَأَكَلَتْ مَا فِيهَا مِنْ ظُلْمٍ وَقَطِيعَةِ رَحِمٍ، وَتَرَكَتْ مَا فِيهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، فَجَاءَ جِبْرَائِيلُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَعْلَمَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ لَا يَشُكُّ فِي قَوْلِهِ، فَخَرَجَ مِنَ الشِّعْبِ إِلَى الْحَرَمِ، فَاجْتَمَعَ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ، وَقَالَ: إِنَّ ابْنَ أَخِي أَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَ عَلَى صَحِيفَتِكُمُ الْأَرَضَةَ، فَأَكَلَتْ مَا فِيهَا مِنْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ وَظُلْمٍ، وَتَرَكَتِ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى، فَأَحْضِرُوهَا، فَإِنْ كَانَ صَادِقًا عَلِمْتُمْ أَنَّكُمْ ظَالِمُونَ لَنَا قَاطِعُونَ لِأَرْحَامِنَا، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا عَلِمْنَا أَنَّكُمْ عَلَى حَقٍّ وَأَنَّا عَلَى بَاطِلٍ.
فَقَامُوا سِرَاعًا وَأَحْضَرُوهَا، فَوَجَدُوا الْأَمْرَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوِيَتْ نَفْسُ أَبِي طَالِبٍ وَاشْتَدَّ صَوْتُهُ وَقَالَ: قَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ أَنَّكُمْ أَوْلَى بِالظُّلْمِ وَالْقَطِيعَةِ. فَنَكَّسُوا رُءُوسَهُمْ ثُمَّ قَالُوا: إِنَّمَا يَأْتُونَنَا بِالسِّحْرِ وَالْبُهْتَانِ، وَقَامَ أُولَئِكَ النَّفَرُ فِي نَقْضِهَا كَمَا ذَكَرْنَا، وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ فِي أَمْرِ الصَّحِيفَةِ وَأَكْلِ الْأَرَضَةِ مَا فِيهَا مِنْ ظُلْمٍ وَقَطِيعَةِ رَحِمٍ أَبْيَاتًا مِنْهَا:
وَقَدْ كَانَ فِي أَمْرِ الصَّحِيفَةِ عِبْرَةٌ ... مَتَى مَا يُخَبَّرُ غَائِبُ الْقَوْمِ يَعْجَبُ
مَحَا اللَّهُ مِنْهُمْ كُفْرَهُمْ وَعُقُوقَهُمْ ... وَمَا نَقَمُوا مِنْ نَاطِقِ الْحَقِّ مُعْرِبُ
فَأَصْبَحَ مَا قَالُوا مِنَ الْأَمْرِ بَاطِلًا ... وَمَنْ يَخْتَلِقْ مَا لَيْسَ بِالْحَقِّ يَكْذِبُ

اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 684
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست