responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 654
عَلَى أَقَلَّ مِنْ هَذَا فَلَمْ يَفْعَلُوا، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ. فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي وَسَأَلْتُهُ، فَخَفَّفَ عَنِّي عَشْرًا. فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: ارْجِعْ وَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ. فَرَجَعْتُ فَخَفَّفَ عَنِّي عَشْرًا، فَلَمْ أَزَلْ بَيْنَ رَبِّي وَمُوسَى حَتَّى جَعَلَهَا خَمْسًا، فَقَالَ: ارْجِعْ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، فَقُلْتُ: إِنِّي قَدِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي وَمَا أَنَا بِرَاجِعٍ، فَنُودِيتُ: إِنِّي قَدْ فَرَضْتُ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَّتِكَ خَمْسِينَ صَلَاةً، وَالْخَمْسُ بِخَمْسِينَ، وَقَدْ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي.
ثُمَّ انْحَدَرْتُ أَنَا وَجِبْرَائِيلُ إِلَى مَضْجَعِي، وَكَانَ ذَلِكَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ.
فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ عَلِمَ أَنَّ النَّاسَ لَا يُصَدِّقُونَهُ، فَقَعَدَ فِي الْمَسْجِدِ مَغْمُومًا، فَمَرَّ بِهِ أَبُو جَهْلٍ، فَقَالَ لَهُ كَالْمُسْتَهْزِئِ: هَلِ اسْتَفَدْتَ اللَّيْلَةَ شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ، أُسْرِيَ بِي اللَّيْلَةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ. قَالَ: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ ظَهْرَانِينَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَخَافَ أَنْ يُخْبِرَ بِذَلِكَ عَنْهُ فَيَجْحَدَهُ النَّبِيُّ، فَقَالَ: أَتُخْبِرُ قَوْمَكَ بِذَلِكَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: يَا مَعْشَرَ بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ هَلُمُّوا، فَأَقْبَلُوا. فَحَدَّثَهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمِنْ بَيْنِ مُصَدِّقٍ وَمُكَذِّبٍ، وَمُصَفِّقٍ وَوَاضِعٍ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ. وَارْتَدَّ النَّاسُ مِمَّنْ كَانَ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ.
وَسَعَى رِجَالٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالُوا: إِنَّ صَاحِبَكَ يَزْعُمُ كَذَا وَكَذَا! فَقَالَ: إِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ فَقَدْ صَدَقَ، إِنِّي لَأُصَدِّقُهُ بِمَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ، أُصَدِّقُهُ بِخَبَرِ السَّمَاءِ فِي غَدْوَةٍ أَوْ رَوْحَةٍ، فَسُمِّيَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقَ مِنْ يَوْمِئِذٍ.
قَالُوا: فَانْعَتْ لَنَا الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى. قَالَ: فَذَهَبْتُ أَنْعَتُ حَتَّى الْتَبَسَ عَلَيَّ، قَالَ: فَجِيءَ بِالْمَسْجِدِ. وَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَجَعَلْتُ أَنْعَتُهُ. قَالُوا: فَأَخْبِرْنَا عَنْ عِيرِنَا. قَالَ: قَدْ مَرَرْتُ عَلَى عِيرِ بَنِي فُلَانٍ بِالرَّوْحَاءِ، وَقَدْ أَضَلُّوا بَعِيرًا لَهُمْ وَهُمْ فِي طَلَبِهِ، فَأَخَذْتُ قَدَحًا فِيهِ مَاءٌ فَشَرِبْتُهُ، فَسَلُوهُمْ عَنْ ذَلِكَ، وَمَرَرْتُ بِعِيرِ بَنِي فُلَانٍ وَفُلَانٍ، فَرَأَيْتُ رَاكِبًا وَقُعُودًا بِذِي مَرٍّ، فَنَفَرَ بِكْرُهُمَا مِنِّي فَسَقَطَ فُلَانٌ فَانْكَسَرَتْ يَدُهُ، فَسَلُوهُمَا. قَالَ: وَمَرَرْتُ بِعِيرِكُمْ بِالتَّنْعِيمِ يَقْدُمُهَا جَمَلٌ أَوْرَقُ عَلَيْهِ غِرَارَتَانِ مُخَيَّطَتَانِ، تَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ.
فَخَرَجُوا إِلَى الثَّنِيَّةِ فَجَلَسُوا يَنْظُرُونَ طُلُوعَ الشَّمْسِ لِيُكَذِّبُوهُ إِذْ قَالَ قَائِلٌ: هَذِهِ الشَّمْسُ قَدْ طَلَعَتْ. فَقَالَ آخَرُ: وَاللَّهِ هَذِهِ الْعِيرُ قَدْ طَلَعَتْ يَقْدُمُهَا بَعِيرٌ أَوْرَقُ كَمَا قَالَ. فَلَمْ يُفْلِحُوا وَقَالُوا: إِنَّ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ» .

اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 654
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست