responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 63
الْأَصْنَامِ مَذْهَبُ الصَّابِئِينَ، وَالْكُفْرُ وَالْفَوَاحِشُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمَعَاصِي.
فَلَمَّا تَمَادَى قَوْمُ نُوحٍ عَلَى كُفْرِهِمْ، وَعِصْيَانِهِمْ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ نُوحًا يُحَذِّرُهُمْ بَأْسَهُ، وَنِقْمَتَهُ وَيَدْعُوهُمْ إِلَى التَّوْبَةِ، وَالرُّجُوعِ إِلَى الْحَقِّ، وَالْعَمَلِ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى، وَأُرْسِلَ نُوحٌ وَهُوَ ابْنُ خَمْسِينَ سَنَةً، فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا.
وَقَالَ عَوْنُ بْنُ أَبِي شَدَّادٍ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرْسَلَ نُوحًا وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا، ثُمَّ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ: إِنَّ قَوْمَ نُوحٍ كَانُوا يَبْطِشُونَ بِهِ فَيَخْنُقُونَهُ حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ، فَإِذَا أَفَاقَ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ! حَتَّى إِذَا تَمَادَوْا فِي مَعْصِيَتِهِمْ وَعَظُمَتْ مِنْهُمُ الْخَطِيئَةُ، وَتَطَاوَلَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ الشَّأْنُ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْبَلَاءُ، وَانْتَظَرَ النَّجْلَ بَعْدَ النَّجْلِ فَلَا يَأْتِي قَرْنٌ إِلَّا كَانَ أَخْبَثَ مِنَ الْذِي كَانَ قَبْلَهُ حَتَّى إِنْ كَانَ الْآخَرُ لَيَقُولَ: قَدْ كَانَ هَذَا مَعَ آبَائِنَا، وَأَجْدَادِنَا مَجْنُونًا لَا يَقْبَلُونَ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَانَ يُضْرَبُ وَيُلَفُّ، وَيُلْقَى فِي بَيْتِهِ، يَرَوْنَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، فَإِذَا أَفَاقَ اغْتَسَلَ وَخَرَجَ إِلَيْهِمْ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ، فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَرَأَى الْأَوْلَادَ شَرًّا مِنَ الْآبَاءِ قَالَ: رَبِّ قَدْ تَرَى مَا يَفْعَلُ بِي عِبَادُكَ، فَإِنْ تَكُ لَكَ فِيهِمْ حَاجَةٌ فَاهْدِهِمْ، وَإِنْ يَكُ غَيْرُ ذَلِكَ فَصَيِّرْنِي إِلَى أَنْ تَحْكُمَ فِيهِمْ. فَأَوْحَى إِلَيْهِ: إِنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ، فَلَمَّا يَئِسَ مِنْ إِيمَانِهِمْ دَعَا عَلَيْهِمْ فَقَالَ: {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: 26] ، إِلَى آخِرِ الْقِصَّةِ. فَلَمَّا شَكَا إِلَى اللَّهِ وَاسْتَنْصَرَهُ عَلَيْهِمْ، أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنِ: اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ. فَأَقْبَلَ نُوحٌ عَلَى عَمَلِ الْفُلْكِ وَلَهَا عَنْ دُعَاءِ قَوْمِهِ وَجَعَلَ يُهَيِّئُ عَتَادَ الْفُلْكِ مِنَ الْخَشَبِ، وَالْحَدِيدِ، وَالْقَارِ، وَغَيْرِهَا مِمَّا لَا يُصْلِحُهُ سِوَاهُ، وَجَعَلَ قَوْمُهُ يَمُرُّونَ بِهِ وَهُوَ فِي عَمَلِهِ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُ، فَيَقُولُ: {إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} [هود: 38] .
قَالَ: وَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ قَدْ صِرْتَ نَجَّارًا بَعْدَ النُّبُوَّةِ! وَأَعْقَمَ اللَّهُ أَرْحَامَ النِّسَاءِ فَلَا يُولَدُ

اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 63
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست