responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 596
وَكَانَ سَبَبَ هَذِهِ الْحَرْبِ أَنَّ حَاطِبًا كَانَ رَجُلًا شَرِيفًا سَيِّدًا فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ ذُبْيَانَ فَنَزَلَ عَلَيْهِ، ثُمَّ إِنَّهُ غَدَا يَوْمًا إِلَى سُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ، فَرَآهُ يَزِيدُ بْنُ الْحَارِثِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ فُسْحُمٍ، وَهِيَ أُمُّهُ، وَهُوَ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ. فَقَالَ يَزِيدُ لِرَجُلٍ يَهُودِيٍّ: لَكَ رِدَائِي إِنْ كَسَعْتَ هَذَا التَّغْلِبِيَّ. فَأَخَذَ رِدَاءَهُ وَكَسَعَهُ كَسْعَةً سَمِعِهَا مَنْ بِالسُّوقِ. فَنَادَى التَّغْلِبِيُّ: يَا آلَ حَاطِبٍ كُسِعَ ضَيْفُكِ وَفُضِحَ! وَأُخْبِرَ حَاطِبٌ بِذَلِكَ، فَجَاءَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ مَنْ كَسَعَهُ، فَأَشَارَ إِلَى الْيَهُودِيِّ، فَضَرَبَهُ حَاطِبٌ بِالسَّيْفِ فَلَقَ هَامَتَهُ، فَأُخْبِرَ ابْنُ فُسْحُمٍ الْخَبَرَ، وَقِيلَ لَهُ: قُتِلَ الْيَهُودِيُّ، قَتَلَهُ حَاطِبٌ، فَأَسْرَعَ خَلْفَ حَاطِبٍ فَأَدْرَكَهُ وَقَدْ دَخَلَ بُيُوتَ أَهْلِهِ، فَلَقِيَ رَجُلًا مِنْ بَنِي مُعَاوِيَةَ فَقَتَلَهُ. فَثَارَتِ الْحَرْبُ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ وَاحْتَشَدُوا وَاجْتَمَعُوا وَالْتَقَوْا عَلَى جِسْرِ رَدْمِ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ. وَكَانَ عَلَى الْخَزْرَجِ هَؤُلَاءِ عَمْرُو بْنُ النُّعْمَانِ الْبَيَاضِيُّ، وَعَلَى الْأَوْسِ حُضَيْرُ بْنُ سِمَاكٍ الْأَشْهَلِيُّ. وَقَدْ كَانَ ذَهَبَ ذِكْرُ مَا وَقَعَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْحُرُوبِ فِيمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْعَرَبِ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ وَخِيَارُ بْنُ مَالِكِ بْنِ حَمَّادٍ الْفَزَارِيُّ، فَقَدِمَا الْمَدِينَةَ وَتَحَدَّثَا مَعَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ فِي الصُّلْحِ، وَضَمِنَا أَنْ يَتَحَمَّلَا كُلَّ مَا يَدَّعِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَأَبَوْا، وَوَقَعَتِ الْحَرْبُ عِنْدَ الْجِسْرِ، وَشَهِدَهَا عُيَيْنَةُ وَخِيَارٌ. فَشَاهَدَا مِنْ قِتَالِهِمْ وَشِدَّتِهَا مَا أَيِسَا مَعَهُ مِنِ الْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمْ، فَكَانَ الظَّفَرُ يَوْمَئِذٍ لِلْخَزْرَجِ. وَهَذَا الْيَوْمُ مِنْ أَشْهَرِ أَيَّامِهِمْ، وَكَانَ بَعْدَهُ عِدَّةُ وَقَائِعَ كُلُّهَا مِنْ حَرْبِ حَاطِبٍ، فَمِنْهَا:

[يَوْمُ الرَّبِيعِ]
ثُمَّ الْتَقَتِ الْأَنْصَارُ بَعْدَ يَوْمِ الْجِسْرِ بِالرَّبِيعِ، وَهُوَ حَائِطٌ فِي نَاحِيَةِ السَّفْحِ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا حَتَّى كَادَ يُفْنِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَانْهَزَمَتِ الْأَوْسُ وَتَبِعَهَا الْخَزْرَجُ حَتَّى بَلَغُوا دُورَهُمْ، وَكَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ إِذَا انْهَزَمَتْ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ فَدَخَلَتْ دُورَهُمْ كَفَّتِ الْأُخْرَى عَنِ اتِّبَاعِهِمْ. فَلَمَّا تَبِعَ الْخَزْرَجُ الْأَوْسَ إِلَى دُورِهِمْ طَلَبَتِ الْأَوْسُ الصُّلْحَ، فَامْتَنَعَتْ بَنُو النَّجَّارِ مِنَ الْخَزْرَجِ عَنْ إِجَابَتِهِمْ. فَحَصَّنَتِ الْأَوْسُ النِّسَاءَ وَالذَّرَارِيَّ فِي الْآطَامِ، وَهِيَ الْحُصُونُ، ثُمَّ كَفَّتْ عَنْهُمُ الْخَزْرَجُ، فَقَالَ صَخْرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَيَاضِيُّ:
أَلَا أَبْلِغَا عَنِّي سُوَيْدَ بْنَ صَامِتٍ ... وَرَهْطَ سُوَيْدٍ بَلِّغَا وَابْنَ الَاسْلَتِ
بِأَنَّا قَتَلْنَا بِالرَّبِيعِ سَرَاتَكُمْ ... وَأَفْلَتَ مَجْرُوحًا بِهِ كُلُّ مُفْلِتِ

اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 596
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست