responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 520
وَأَكْثَرُوا الْقَوْلَ فِي يَوْمِ الْهَبَاءَةِ.
ثُمَّ إِنَّ عَبْسًا نَدِمَتْ عَلَى مَا فَعَلَتْ يَوْمَ الْهَبَاءَةِ، وَلَامَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَاجْتَمَعَتْ فَزَارَةُ إِلَى سِنَانِ بْنِ أَبِي حَارِثَةَ الْمُرِّيِّ وَشَكَوْا إِلَيْهِ مَا نَزَلْ بِهِمْ، فَأَعْظَمَهُ وَذَمَّ عَبْسًا، وَعَزَمَ عَلَى أَنْ يَجْمَعَ الْعَرَبَ وَيَأْخُذَ بِثَأْرِ بَنِي بَدْرٍ وَفَزَارَةَ وَبَثَّ رُسُلَهُ. فَاجْتَمَعَ مِنَ الْعَرَبِ خَلْقٌ كَثِيرٌ لَا يُحْصُونَ، وَنَهَى أَصْحَابَهُ عَنِ التَّعَرُّضِ لِلْأَمْوَالِ وَالْغَنِيمَةِ وَأَمَرَهُمْ بِالصَّبْرِ، وَسَارُوا إِلَى بَنِي عَبْسٍ. فَلَمَّا بَلَغَهُمْ مَسِيرُهُمْ إِلَيْهِمْ قَالَ قَيْسٌ: الرَّأْيُ أَنَّنَا لَا نَلْقَاهُمْ، فَإِنَّنَا قَدْ وَتَرْنَاهُمْ فَهُمْ يُطَالِبُونَنَا بِالذُّحُولِ وَالطَّوَائِلِ، وَقَدْ رَأَوْا مَا نَالَهُمْ بِالْأَمْسِ بِاشْتِغَالِهِمْ بِالنَّهْبِ وَالْمَالِ فَهُمْ لَا يَتَعَرَّضُونَ إِلَيْهِ الْآنَ، وَالَّذِي يَنْبَغِي أَنْ نَفْعَلُهُ أَنَّنَا نُرْسِلُ الظَّعَائِنَ وَالْأَمْوَالَ إِلَى بَنِي عَامِرٍ، فَإِنَّ الدَّمَ لَنَا قَبْلَهُمْ فَهُمْ لَا يَتَعَرَّضُونَ لَكُمْ، وَيَبْقَى أُولُو الْقُوَّةِ وَالْجَلَدِ عَلَى ظُهُورِ الْخَيْلِ وَنُمَاطِلُهُمُ الْقِتَالَ، فَإِنْ أَبَوْا إِلَّا الْقِتَالَ كُنَّا قَدْ أَحْرَزْنَا أَهْلِينَا وَأَمْوَالَنَا وَقَاتَلْنَاهُمْ وَصَبَرْنَا لَهُمْ، فَإِنْ ظَفِرْنَا فَهُوَ الَّذِي نُرِيدُ، وَإِنْ كَانَتِ الْأُخْرَى كُنَّا قَدِ احْتَرَزْنَا وَلَحِقْنَا بِأَمْوَالِنَا وَنَحْنُ عَلَى حَامِيَةٍ.
فَفَعَلُوا ذَلِكَ، وَسَارَتْ ذُبْيَانُ وَمَنْ مَعَهَا فَلَحِقُوا بَنِي عَبْسٍ عَلَى ذَاتِ الْجُرَاجِرِ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا يَوْمَهُمْ ذَلِكَ وَافْتَرَقُوا. فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ عَادُوا إِلَى اللِّقَاءِ فَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ مِنَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَظَهَرَتْ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ شَجَاعَةُ عَنْتَرَةَ بْنِ شَدَّادٍ. فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ شِدَّةَ الْقِتَالِ وَكَثْرَةَ الْقَتْلَى لَامُوا سِنَانَ بْنَ أَبِي حَارِثَةَ عَلَى مَنْعِهِ حُذَيْفَةَ عَنِ الصُّلْحِ، وَتَطَيَّرُوا مِنْهُ وَأَشَارُوا عَلَيْهِ بِحَقْنِ الدِّمَاءِ وَمُرَاجَعَةِ السِّلْمِ، فَلَمْ يَفْعَلْ وَأَرَادَ مُرَاجَعَةَ الْحَرْبِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ. فَلَمَّا رَأَى فُتُورَ أَصْحَابِهِ وَرُكُونَهُمْ إِلَى السِّلْمِ رَحَلَ عَائِدًا. فَلَمَّا عَادَ عَنْهُمْ رَحَلَ قَيْسٌ وَبَنُو عَبْسٍ إِلَى بَنِي شَيْبَانَ بْنِ بَكْرٍ وَجَاوَرُوهُمْ وَبَقَوْا مَعَهُمْ مُدَّةً، فَرَأَى قَيْسٌ مِنْ غِلْمَانِ شَيْبَانَ مَا يَكْرَهُهُ مِنَ التَّعَرُّضِ لِأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ فَرَحَلَا عَنْهُمْ، فَتَبِعَهُمْ جَمْعٌ مِنْ شَيْبَانَ، فَلَقِيَتْهُمْ بَنُو عَبْسٍ وَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَتْ شَيْبَانُ وَسَارَتْ عَبْسٌ إِلَى هَجَرَ لِيُحَالِفُوا مَلِكَهُمْ، وَهُوَ مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَارِثِ الْكِنْدِيُّ، فَعَزَمَ مُعَاوِيَةُ عَلَى الْغَارَةِ عَلَيْهِمْ لَيْلًا، فَبَلَغَهُمُ الْخَبَرُ فَسَارُوا عَنْهُ مُجِدِّينَ، وَسَارَ مُعَاوِيَةُ مُجِدًّا فِي أَثَرِهِمْ، فَتَاهَ بِهِمُ الدَّلِيلُ عَلَى عَمْدٍ لِئَلَّا يُدْرِكُوا عَبْسًا إِلَّا وَهُمْ قَدْ لَحِقَهُمْ وَدَوَابَّهُمُ النَّصَبُ، فَأَدْرَكُوهُمْ بِالْفُرُوقِ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا

اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 520
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست