responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 432
عَلَيْهِ وَقَتَلَا التُّرْجُمَانَ لِئَلَّا يُفْشِيَ سِرَّهُمَا، وَسَارَ هِرَقْلُ فِي جَيْشِهِ إِلَى نَصِيبِينَ.
وَبَلَغَ كِسْرَى أَبْرَوِيزَ الْخَبَرُ وَأَرْسَلَ لِمُحَارَبَةِ هِرَقْلَ قَائِدًا مِنْ قُوَّادِهِ اسْمُهُ رَاهَزَارُ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يُقِيمَ بِنِينَوَى مِنْ أَرْضِ الْمَوْصِلِ عَلَى دِجْلَةَ يَمْنَعُ هِرَقْلَ مِنْ أَنْ يَجُوزَهَا، وَأَقَامَ هُوَ بِدَسْكَرَةِ الْمُلْكِ، فَأَرْسَلَ رَاهَزَارُ الْعُيُونَ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ هِرَقْلَ فِي سَبْعِينَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى كِسْرَى يُعَرِّفُهُ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ يَعْجَزُ عَنْ قِتَالِ هَذَا الْجَمْعِ الْكَثِيرِ، فَلَمْ يَعْذُرْهُ وَأَمَرَهُ بِقِتَالِهِ، فَأَطَاعَ وَعَبَّى جُنْدَهُ، وَسَارَ هِرَقْلُ نَحْوَ جُنُودِ كِسْرَى، وَقَطَعَ دِجْلَةَ مِنْ غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ رَاهَزَارُ، فَقَصَدَهُ رَاهَزَارُ وَلَقِيَهُ، فَاقْتَتَلُوا، فَقُتِلَ رَاهَزَارُ وَسِتَّةُ آلَافٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَانْهَزَمَ الْبَاقُونَ.
وَبَلَغَ الْخَبَرُ أَبْرَوِيزَ وَهُوَ بِدَسْكَرَةِ الْمُلْكِ، فَهَدَّهُ ذَلِكَ وَعَادَ إِلَى الْمَدَائِنِ، وَتَحَصَّنَ بِهَا لِعَجْزِهِ عَنْ مُحَارَبَةِ هِرَقْلَ، وَكُتَبَ إِلَى قُوَّادِ الْجُنْدِ الَّذِينَ انْهَزَمُوا يَتَهَدَّدُهُمْ بِالْعُقُوبَةِ فَأَحْوَجَهُمْ إِلَى الْخِلَافِ عَلَيْهِ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَسَارَ هِرَقْلُ حَتَّى قَارَبَ الْمَدَائِنَ ثُمَّ عَادَ إِلَى بِلَادِهِ.
وَكَانَ سَبَبَ عَوْدِهِ أَنَّ كِسْرَى لَمَّا عَجِزَ عَنْ هِرَقْلَ أَعْمَلَ الْحِيلَةَ، فَكَتَبَ كِتَابًا إِلَى شَهْرَبَرَازْ يَشْكُرُهُ وَيُثْنِي عَلَيْهِ وَيَقُولُ لَهُ: أَحْسَنْتَ فِي فِعْلِ مَا أَمَرْتُكَ بِهِ مِنْ مُوَاصَلَةِ مَلِكِ الرُّومِ وَتَمْكِينِهِ مِنَ الْبِلَادِ، وَالْآنَ قَدْ أَوْغَلَ وَأَمْكَنَ مِنْ نَفْسِهِ، فَتَجِيءُ أَنْتَ مِنْ خَلْفِهِ وَأَنَا مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَيَكُونُ اجْتِمَاعُنَا عَلَيْهِ يَوْمَ كَذَا فَلَا يُفْلِتُ مِنْهُمْ أَحَدٌ. ثُمَّ جَعَلَ الْكِتَابَ فِي عُكَّازِ أَبَنُوسَ، وَأَحْضَرَ رَاهِبًا كَانَ فِي دَيْرٍ عِنْدَ الْمَدَائِنِ وَقَالَ لَهُ: لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ. فَقَالَ الرَّاهِبُ: الْمَلِكُ أَكْبَرُ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ إِلَيَّ حَاجَةٌ وَلَكِنَّنِي عَبْدُهُ. قَالَ: إِنَّ الرُّومَ قَدْ نَزَلُوا قَرِيبًا مِنَّا، وَقَدْ حَفِظُوا الطُّرُقَ عَنَّا، وَلِي إِلَى أَصْحَابِي الَّذِينَ بِالشَّامِ حَاجَةٌ، وَأَنْتَ نَصْرَانِيٌّ إِذَا جُزْتَ عَلَى الرُّومِ لَا يُنْكِرُونَكَ، وَقَدْ كَتَبْتُ كِتَابًا وَهُوَ فِي هَذِهِ الْعُكَّازَةِ فَتُوصِلُهُ إِلَى شَهْرَبَرَازْ، وَأَعْطَاهُ مِائَتَيْ دِينَارٍ. فَأَخَذَ الْكِتَابِ وَفَتَحَهُ وَقَرَأَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ وَسَارَ، فَلَمَّا صَارَ بِالْعَسْكَرِ وَرَأَى الرُّومَ وَالرُّهْبَانَ وَالنَّوَاقِيسَ رَقَّ قَلْبُهُ وَقَالَ: أَنَا شَرُّ النَّاسِ إِنْ أَهْلَكْتُ النَّصْرَانِيَّةَ! فَأَقْبَلَ إِلَى سُرَادِقِ الْمَلِكِ وَأَنْهَى حَالَهُ وَأَوْصَلَ الْكِتَابَ إِلَيْهِ. فَقَرَأَهُ ثُمَّ أَحْضَرَ أَصْحَابُهُ رَجُلًا قَدْ أَخَذُوهُ مِنْ طَرِيقِ الشَّامِ قَدْ وَاطَأَهُ كِسْرَى وَمَعَهُ كِتَابٌ

اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 432
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست