responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 391
فَأَخَذَهُ وَعَادَ إِلَى صَاحِبِهِ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ لَهُ: أَمْسِكْ عَلَى نَفْسِكَ، وَمَا أَظُنُّ أَنْ تَفْعَلَ، فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يَلْقَى أَحَدًا إِذَا أَتَى نَجْرَانَ بِهِ ضُرٌّ إِلَّا قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَتَدْخُلُ فِي دِينِي حَتَّى أَدْعُوَ اللَّهَ فَيُعَافِيَكَ مِمَّا أَنْتَ فِيهِ مِنَ الْبَلَاءِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُوَحِّدُ اللَّهَ وَيُسْلِمُ، وَيَدْعُو لَهُ عَبْدُ اللَّهِ فَيُشْفَى، حَتَّى لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ مِمَّنْ بِهِ ضُرٌّ إِلَّا أَتَاهُ وَاتَّبَعَهُ وَدَعَا لَهُ فَعُوفِيَ.
فَرُفِعَ شَأْنُهُ إِلَى مَلِكِ نَجْرَانَ، فَدَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: أَفْسَدْتَ عَلَيَّ أَهْلَ قَرْيَتِي وَخَالَفْتَ دِينِي، لَأُمَثِّلَنَّ بِكَ! فَقَالَ: لَا تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ. فَجَعَلَ يُرْسِلُهُ إِلَى الْجَبَلِ الطَّوِيلِ فَيُلْقَى مِنْ رَأْسِهِ فَيَقَعُ عَلَى الْأَرْضِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، فَأَرْسَلَهُ إِلَى مِيَاهِ نَجْرَانَ، وَهِيَ بُحُورٌ لَا يَقَعُ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا هَلَكَ، فَيُلْقَى فِيهَا فَيَخْرُجُ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. فَلَمَّا غَلَبَهُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الثَّامِرِ: إِنَّكَ لَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِي حَتَّى تُوَحِّدَ اللَّهَ وَتُؤْمِنَ كَمَا آمَنْتُ، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ قَتَلْتَنِي. فَوَحَّدَ اللَّهَ الْمَلِكُ، ثُمَّ ضَرَبَهُ بِعَصَا بِيَدِهِ فَشَجَّهُ شَجَّةً غَيْرَ كَبِيرَةٍ فَقَتَلَهُ، فَهَلَكَ الْمَلِكُ مَكَانَهُ، وَاجْتَمَعَ أَهْلُ نَجْرَانَ عَلَى دِينِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الثَّامِرِ.
قَالَ: فَسَارَ إِلَيْهِمْ ذُو نُوَاسٍ بِجُنُودِهِ، فَجَمَعَهُمْ ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ وَخَيَّرَهُمْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْقَتْلِ، فَاخْتَارُوا الْقَتْلَ، فَخَدَّ لَهُمُ الْأُخْدُودَ، فَحَرَقَ بِالنَّارِ وَقَتَلَ بِالسَّيْفِ، حَتَّى قَتَلَ قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ أَلْفًا.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ بِنَجْرَانَ مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ حِمْيَرَ يُقَالُ لَهُ: ذُو نُوَاسٍ وَاسْمُهُ يُوسُفُ بْنُ شُرَحْبِيلَ، وَكَانَ قَبْلَ مَوْلِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسَبْعِينَ سَنَةً، وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ حَاذِقٌ. فَلَمَّا كَبِرَ قَالَ لِلْمَلِكِ: إِنِّي كَبِرْتُ فَابْعَثْ إِلَيَّ غُلَامًا أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ غُلَامًا اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الثَّامِرِ لِيُعَلِّمَهُ، فَجَعَلَ يَخْتَلِفُ إِلَى السَّاحِرِ، وَكَانَ فِي طَرِيقِهِ رَاهِبٌ حَسَنُ الْقِرَاءَةِ، فَقَعَدَ إِلَيْهِ الْغُلَامُ، فَأَعْجَبَهُ أَمْرُهُ، فَكَانَ إِذَا جَاءَ إِلَى الْمُعَلِّمِ يَدْخُلُ إِلَى الرَّاهِبِ فَيَقْعُدُ عِنْدَهُ، فَإِذَا جَاءَ مِنْ عِنْدِهِ إِلَى الْمُعَلِّمِ ضَرَبَهُ وَقَالَ لَهُ: مَا الَّذِي حَبَسَكَ؟ وَإِذَا انْقَلَبَ إِلَى أَبِيهِ دَخَلَ إِلَى الرَّاهِبِ فَيَضْرِبُهُ أَبُوهُ وَيَقُولُ: مَا الَّذِي أَبْطَأَ بِكَ؟ فَشَكَا الْغُلَامُ ذَلِكَ إِلَى الرَّاهِبِ، فَقَالَ لَهُ: إِذَا أَتَيْتَ الْمُعَلِّمَ فَقُلْ حَبَسَنِي أَبِي، وَإِذَا أَتَيْتَ أَبَاكَ فَقُلْ حَبَسَنِي الْمُعَلِّمُ.
وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ حَيَّةٌ عَظِيمَةٌ قَطَعَتْ طَرِيقَ النَّاسِ، فَمَرَّ بِهَا الْغُلَامُ فَرَمَاهَا بِحَجَرٍ

اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 391
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست