responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 327
قَالَ عِكْرِمَةُ: لَمَّا بَعَثَهُمُ اللَّهُ كَانَ الْمَلِكُ حِينَئِذٍ مُؤْمِنًا، وَكَانَ قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ مَمْلَكَتِهِ فِي الرُّوحِ وَالْجَسَدِ وَبَعْثِهِمَا، فَقَالَ قَائِلٌ: يَبْعَثُ اللَّهُ الرُّوحَ دُونَ الْجَسَدِ. وَقَالَ قَائِلٌ: يُبْعَثَانِ جَمِيعًا، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمَلِكِ فَلَبِسَ الْمُسُوحَ وَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ الْحَقَّ، فَبَعَثَ اللَّهُ أَصْحَابَ الْكَهْفِ بُكْرَةً، فَلَمَّا بَزَغَتِ الشَّمْسُ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: قَدْ غَفَلْنَا هَذِهِ اللَّيْلَةَ عَنِ الْعِبَادَةِ، فَقَامُوا إِلَى الْمَاءِ، وَكَانَ عِنْدَ الْكَهْفِ عَيْنٌ وَشَجَرَةٌ، فَإِذَا الْعَيْنُ قَدْ غَارَتْ وَالْأَشْجَارُ قَدْ يَبِسَتْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: إِنَّ أَمْرَنَا لَعَجَبٌ! هَذِهِ الْعَيْنُ غَارَتْ وَهَذِهِ الْأَشْجَارُ يَبِسَتْ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ! وَأَلْقَى اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجُوعَ، فَقَالُوا أَيُّكُمْ يَذْهَبُ {إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا} [الكهف: 19] .
فَدَخَلَ أَحَدُهُمْ يَشْتَرِي الطَّعَامَ، فَلَمَّا رَأَى السُّوقَ عَرَفَ طُرُقَهَا وَأَنْكَرَ الْوُجُوهَ وَرَأَى الْإِيمَانَ ظَاهِرًا بِهَا، فَأَتَى رَجُلًا يَشْتَرِي مِنْهُ، فَأَنْكَرَ الدَّرَاهِمَ، فَرَفَعَهُ إِلَى الْمَلِكِ، فَقَالَ الْفَتَى: أَلَيْسَ مَلِكَكُمْ فُلَانٌ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: لَا بَلْ فُلَانٌ فَعَجِبَ لِذَلِكَ. فَلَمَّا أُحْضِرَ عِنْدَ الْمَلِكِ أَخْبَرَهُ بِخَبَرِ أَصْحَابِهِ، فَجَمَعَ الْمَلِكُ النَّاسَ وَقَالَ لَهُمْ: إِنَّكُمْ قَدِ اخْتَلَفْتُمْ فِي الرُّوحِ وَالْجَسَدِ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ آيَةً هَذَا الرَّجُلُ مِنْ قَوْمِ فُلَانٍ، يَعْنِي الْمَلِكَ الَّذِي مَضَى. فَقَالَ الْفَتَى: انْطَلِقُوا بِي إِلَى أَصْحَابِي، فَرَكِبَ الْمَلِكُ وَالنَّاسُ مَعَهُ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْكَهْفِ قَالَ الْفَتَى لِلْمَلِكِ: ذَرُونِي أَسْبِقُكُمْ إِلَى أَصْحَابِي أُعَرِّفُهُمْ خَبَرَكُمْ لِئَلَّا يَخَافُوا إِذَا سَمِعُوا وَقْعَ حَوَافِّ دَوَابِّكُمْ وَأَصْوَاتَكُمْ فَيَظُنُّوكُمْ دِقْيَانُوسْ. فَقَالَ: افْعَلْ، فَسَبَقَهُمْ إِلَى أَصْحَابِهِ وَدَخَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ، فَعَلِمُوا حِينَئِذٍ مِقْدَارَ لَبْثِهِمْ فِي الْكَهْفِ وَبَكَوْا فَرَحًا وَدَعَوُا اللَّهَ أَنْ يُمِيتَهُمْ وَلَا يَرَاهُمْ أَحَدٌ مِمَّنْ جَاءَهُمْ، فَمَاتُوا لِسَاعَتِهِمْ، فَضَرَبَ اللَّهُ عَلَى أُذُنِهِ وَآذَانِهِمْ مَعَهُ. فَلَمَّا اسْتَبْطَأُوهُ دَخَلُوا إِلَى الْفِتْيَةِ فَإِذَا أَجْسَادُهُمْ لَا يُنْكِرُونَ مِنْهَا شَيْئًا غَيْرَ أَنَّهَا لَا أَرْوَاحَ فِيهَا، فَقَالَ الْمَلِكُ: هَذِهِ آيَةٌ لَكُمْ. وَرَأَى الْمَلِكُ تَابُوتًا مِنْ نُحَاسٍ مَخْتُومًا بِخَاتَمٍ، فَفَتَحَهُ، فَرَأَى فِيهِ لَوْحًا مِنْ رَصَاصٍ مَكْتُوبَا فِيهِ أَسْمَاءُ الْفِتْيَةِ، وَأَنَّهُمْ هَرَبُوا مِنْ دِقْيَانُوسْ الْمَلِكِ مَخَافَةً عَلَى نُفُوسِهِمْ وَدِينِهِمْ فَدَخَلُوا هَذَا الْكَهْفَ. فَلَمَّا عَلِمَ دِقْيَانُوسْ بِمَكَانِهِمْ بِالْكَهْفِ سَدَّهُ عَلَيْهِمْ. فَلْيَعْلَمْ مَنْ يَقْرَأُ كِتَابَنَا هَذَا شَأْنَهُمْ.
فَلَمَّا قَرَأُوهُ عَجِبُوا وَحَمِدُوا اللَّهَ تَعَالَى الَّذِي أَرَاهُمْ هَذِهِ الْآيَةَ لِلْبَعْثِ وَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّحْمِيدِ وَالتَّسْبِيحِ.

اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 327
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست