responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 280
وَعَرَضَ لَهُ حَاجَةٌ، فَقَالَ لِلْمَسِيحِ: هَذِهِ ثِيَابٌ مُخْتَلِفَةُ الْأَلْوَانِ وَقَدْ جَعَلْتُ فِي كُلِّ ثَوْبٍ مِنْهَا خَيْطًا عَلَى اللَّوْنِ الَّذِي يُصْبَغُ بِهِ فَاصْبُغْهَا حَتَّى أَعُودَ مِنْ حَاجَتِي هَذِهِ. فَأَخَذَهَا الْمَسِيحُ وَأَلْقَاهَا فِي جُبٍّ وَاحِدٍ، فَلَمَّا عَادَ الصَّبَّاغُ سَأَلَهُ عَنِ الثِّيَابِ فَقَالَ: صَبَغْتُهَا. فَقَالَ: أَيْنَ هِيَ؟ قَالَ: فِي هَذَا الْجُبِّ، فَقَالَ: كُلُّهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: لَقَدْ أَفْسَدْتَهَا عَلَى أَصْحَابِهَا! وَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الْمَسِيحُ: لَا تَعْجَلْ وَانْظُرْ إِلَيْهَا، وَقَامَ وَأَخْرَجَهَا كُلُّ ثَوْبٍ مِنْهَا عَلَى اللَّوْنِ الَّذِي أَرَادَ صَاحِبُهُ، فَتَعَجَّبَ الصَّبَّاغُ مِنْهُ وَعَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَلَمَّا عَادَ عِيسَى وَأُمُّهُ إِلَى الشَّامِ نَزَلَا بِقَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ، وَبِهَا سُمِّيَتِ النَّصَارَى، فَأَقَامَ إِلَى أَنْ بَلَغَ ثَلَاثِينَ سَنَةً، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ يَبْرُزَ لِلنَّاسِ وَيَدْعُوَهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيُدَاوِيَ الْمَرْضَى وَالزَّمْنَى وَالْأَبْرَصَ وَغَيْرَهُمْ مِنَ الْمَرْضَى، فَفَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ، وَأَحَبَّهُ النَّاسُ، وَكَثُرَ أَتْبَاعُهُ وَعَلَا ذِكْرُهُ.
وَحَضَرَ يَوْمًا طَعَامَ بَعْضِ الْمُلُوكِ كَانَ دَعَا النَّاسَ إِلَيْهِ، فَقَعَدَ عَلَى قَصْعَةٍ يَأْكُلُ مِنْهَا وَلَا تَنْقُصُ، فَقَالَ الْمَلِكُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ. فَنَزَلَ الْمَلِكُ عَنْ مُلْكِهِ وَاتَّبَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَكَانُوا الْحَوَارِيِّينَ.
وَقِيلَ: إِنَّ الْحَوَارِيِّينَ هُمُ الصَّبَّاغُ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَأَصْحَابٌ لَهُ، وَقِيلَ: كَانُوا صَيَّادِينَ، وَقِيلَ: قَصَّارِينَ، وَقِيلَ: مَلَّاحِينَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَانَتْ عِدَّتُهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، وَكَانُوا إِذَا جَاعُوا أَوْ عَطِشُوا قَالُوا: يَا رُوحَ اللَّهِ قَدْ جُعْنَا وَعَطِشْنَا، فَيَضْرِبُ يَدَهُ إِلَى الْأَرْضِ فَيَخْرُجُ لِكُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ رَغِيفَيْنِ وَمَا يَشْرَبُونَ. فَقَالُوا: مَنْ أَفْضَلُ مِنَّا، إِذَا شِئْنَا أَطْعَمْتَنَا وَسَقَيْتَنَا! فَقَالَ: أَفْضَلُ مِنْكُمْ مَنْ يَأْكُلُ مِنْ كَسْبِ يَدِهِ، فَصَارُوا يَغْسِلُونَ الثِّيَابَ بِالْأُجْرَةِ.
وَلَمَّا أَرْسَلَهُ اللَّهُ أَظْهَرَ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ أَنَّهُ صَوَّرَ مِنْ طِينٍ صُورَةَ طَائِرٍ ثُمَّ نَفَخَ فِيهِ

اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 280
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست