responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 267
خِدْمَةِ الْكَنِيسَةِ وَالْعِبَادِ الَّذِينَ فِيهَا، {وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ} [آل عمران: 36] ، وَهِيَ بِلُغَتِهِمُ الْعِبَادَةُ.
ثُمَّ لَفَّتْهَا فِي خِرْقَةٍ وَحَمَلَتْهَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَوَضَعَتْهَا عِنْدَ الْأَحْبَارِ أَبْنَاءِ هَارُونَ، وَهُمْ يَلُونَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ مَا يَلِي بَنُو شَيْبَةَ مِنَ الْكَعْبَةِ. فَقَالَتْ: دُونَكُمْ هَذِهِ الْمَنْذُورَةَ فَتَنَافَسُوا فِيهَا لِأَنَّهَا بِنْتُ إِمَامِهِمْ وَصَاحِبِ قُرْبَانِهِمْ. فَقَالَ زَكَرِيَّاءُ: أَنَا أَحَقُّ بِهَا لِأَنَّ خَالَتَهَا عِنْدِي. فَقَالُوا لَكِنَّا نَقْتَرِعُ عَلَيْهَا. فَأَلْقَوْا أَقْلَامَهُمْ فِي نَهْرٍ جَارٍ، قِيلَ هُوَ نَهْرُ الْأُرْدُنِّ، فَأَلْقَوْا فِيهِ أَقْلَامَهُمُ الَّتِي كَانُوا يَكْتُبُونَ بِهَا التَّوْرَاةَ، فَارْتَفَعَ قَلَمُ زَكَرِيَّاءَ فَوْقَ الْمَاءِ وَرَسَبَتْ أَقْلَامُهُمْ، فَأَخَذَهَا وَكَفَّلَهَا وَضَمَّهَا إِلَى خَالَتِهَا أُمِّ يَحْيَى وَاسْتَرْضَعَ لَهَا حَتَّى كَبِرَتْ، فَبَنَى لَهَا غُرْفَةً فِي الْمَسْجِدِ لَا يُرْقَى إِلَيْهَا إِلَّا بِسُلَّمٍ وَلَا يَصْعَدُ إِلَيْهَا غَيْرُهُ، وَكَانَ يَجِدُ عِنْدَهَا فَاكِهَةَ الشِّتَاءِ فِي الصَّيْفِ، وَفَاكِهَةَ الصَّيْفِ فِي الشِّتَاءِ، فَيَقُولُ: أَنَّى لَكِ هَذَا؟ فَتَقُولُ: هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. فَلَمَّا رَأَى زَكَرِيَّاءُ ذَلِكَ مِنْهَا دَعَا اللَّهَ تَعَالَى وَرَجَا الْوَلَدَ حَيْثُ رَأَى فَاكِهَةَ الصَّيْفِ فِي الشِّتَاءِ وَفَاكِهَةَ الشِّتَاءِ فِي الصَّيْفِ، فَقَالَ: إِنَّ الَّذِي فَعَلَ هَذَا بِمَرْيَمَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُصْلِحَ زَوْجَتِي حَتَّى تَلِدَ. فَـ {قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [آل عمران: 38] .
فَبَيْنَمَا هُوَ يُصَلِّي فِي الْمَذْبَحِ الَّذِي لَهُمْ إِذَا هُوَ بَرْجَلٍ شَابٍّ، وَهُوَ جَبْرَائِيلُ، فَفَزِعَ زَكَرِيَّاءُ مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ: {أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ} [آل عمران: 39] ، يَعْنِي عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَيَحْيَى أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِعِيسَى وَصَدَّقَهُ، وَذَلِكَ أَنَّ أُمَّهُ كَانَتْ حَامِلًا بِهِ فَاسْتَقْبَلَتْ مَرْيَمَ وَهِيَ حَامِلٌ بِعِيسَى فَقَالَتْ لَهَا: يَا مَرْيَمُ أَحَامِلٌ أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: لِمَاذَا تَسْأَلِينِي؟ فَقَالَتْ إِنِّي أَرَى مَا فِي بَطْنِي يَسْجُدُ لِمَا فِي بَطْنِكِ، فَذَلِكَ تَصْدِيقُهُ.
وَقِيلَ: صَدَّقَ الْمَسِيحَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلَهُ ثَلَاثُ سِنِينَ، وَسَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى [يَحْيَى] وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ مَنْ تَسَمَّى هَذَا الِاسْمَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} [مريم: 7] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا} [مريم: 15] . قِيلَ: أَوْحَشُ مَا يَكُونُ ابْنُ آدَمَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ، فَسَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ وَحْشَتِهَا، وَإِنَّمَا وُلِدَ يَحْيَى قَبْلَ الْمَسِيحِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَقِيلَ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَكَانَ لَا يَأْتِي

اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 267
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست