responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 219
وَبَلَغَ خَبَرُهُ إِلَى أُسَّا، فَتَضَرَّعَ إِلَى اللَّهِ وَأَظْهَرَ الضَّعْفَ وَالْعَجْزَ عَنِ الْهِنْدِيِّ وَسَأَلَ اللَّهَ النُّصْرَةَ عَلَيْهِ، فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ وَأَرَاهُ فِي الْمَنَامِ: إِنِّي سَأُظْهِرُ مِنْ قُدْرَتِي فِي رَزَحَ الْهِنْدِيِّ وَعَسَاكِرِهِ مَا أَكْفِيكَ شَرَّهُمْ وَأُغْنِمُكُمْ أَمْوَالَهُمْ حَتَّى يَعْلَمَ أَعْدَاؤُكَ أَنَّ صَدِيقَكَ لَا يُطَاقُ وَلِيُّهُ وَلَا يَنْهَزِمُ جُنْدُهُ.
ثُمَّ سَارَ رَزَحُ حَتَّى أَرْسَى بِالسَّاحِلِ، وَسَارَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَلَمَّا صَارَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْهُ فَرَّقَ عَسَاكِرَهُ، فَامْتَلَأَتْ مِنْهُمْ تِلْكَ الْأَرْضُ وَمُلِئَتْ قُلُوبُ بَنِي إِسْرَائِيلَ رُعْبًا، وَبَعَثَ أُسَّا الْعُيُونَ فَعَادُوا وَأَخْبَرُوهُ مِنْ كَثْرَتِهِمْ بِمَا لَمْ يَسْمَعْ بِمِثْلِهِ، وَسَمِعَ الْخَبَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَصَاحُوا، وَبَكَوْا، وَوَدَّعَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَعَزَمُوا عَلَى أَنْ يَخْرُجُوا إِلَى رَزَحَ وَيَسْتَسْلِمُوا إِلَيْهِ وَيَنْقَادُوا لَهُ. فَقَالَ لَهُمْ مَلِكُهُمْ: إِنَّ رَبِّي وَعَدَنِي بِالظَّفَرِ وَلَا خُلْفَ لِوَعْدِهِ، فَعَاوَدُوا الدُّعَاءَ وَالتَّضَرُّعَ. فَفَعَلُوا وَدَعَوْا جَمِيعُهُمْ وَتَضَرَّعُوا، فَزَعَمُوا أَنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيْهِ: يَا أُسَّا، إِنَّ الْحَبِيبَ لَا يُسْلِمُ حَبِيبَهُ، وَأَنَا الَّذِي أَكْفِيكَ عَدُوَّكَ فَإِنَّهُ لَا يَهُونُ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيَّ، وَلَا يَضْعُفُ مَنْ تَقَوَّى بِي وَقَدْ كُنْتَ تَذْكُرُنِي فِي الرَّخَاءِ فَلَا أُسْلِمُكَ فِي الشِّدَّةِ، وَسَأُرْسِلُ بَعْضَ الزَّبَانِيَةِ يَقْتُلُونَ أَعْدَائِي. فَاسْتَبْشِرْ وَأَخْبِرْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَاسْتَبْشَرُوا وَأَمَّا الْمُنَافِقُونَ فَكَذَّبُوهُ.
وَأَمَرَهُ اللَّهُ بِالْخُرُوجِ إِلَى رَزَحَ فِي عَسَاكِرِهِ، فَخَرَجَ فِي نَفَرٍ يَسِيرٍ، فَوَقَفُوا عَلَى رَابِيَةٍ مِنَ الْأَرْضِ يَنْظُرُونَ إِلَى عَسَاكِرِهِ، فَلَمَّا رَآهُمْ رَزَحُ احْتَقَرَهُمْ وَاسْتَصْغَرَهُمْ وَقَالَ: إِنَّمَا خَرَجْتُ مِنْ بِلَادِي وَجَمَعْتُ عَسَاكِرِي وَأَنْفَقْتُ أَمْوَالِي لِهَذِهِ الطَّائِفَةِ! وَدَعَا النَّفَرَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ قَصَدُوهُ، وَالْجَوَاسِيسَ الَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ لِيَخْتَبِرُوا لَهُ وَقَالَ: كَذَبْتُمُونِي، وَأَخْبَرْتُمُونِي بِكَثْرَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى جَمَعْتُ الْعَسَاكِرَ، وَفَرَّقْتُ أَمْوَالِي! ثُمَّ أَمَرَ بِهِمْ فَقُتِلُوا، وَأَرْسَلَ إِلَى أُسَّا يَقُولُ لَهُ: أَيْنَ صَدِيقُكَ الَّذِي يَنْصُرُكَ وَيُخَلِّصُكَ مِنْ سَطْوَتِي؟ فَأَجَابَهُ أُسَّا: يَا شَقِيُّ، إِنَّكَ لَا تَعْلَمُ مَا تَقُولُ! أَتُرِيدُ أَنْ تُغَالِبَ اللَّهَ بِقُوَّتِكَ أَمْ تُكَاثِرُهُ بِقِلَّتِكَ؟ وَهُوَ مَعِي فِي مَوْقِفِي هَذَا، وَلَنْ يُغْلَبَ أَحَدٌ كَانَ اللَّهُ مَعَهُ، وَسَتَعْلَمُ مَا يَحِلُّ بِكَ!
فَغَضِبَ رَزَحُ مِنْ قَوْلِهِ وَصَفَّ عَسَاكِرَهُ وَخَرَجَ إِلَى قِتَالِ أُسَّا وَأَمَرَ الرُّمَاةَ فَرَمَوْهُمْ بِالسِّهَامِ، وَبَعَثَ اللَّهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَدَدًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَخَذُوا السِّهَامَ وَرَمَوْا بِهَا الْهُنُودَ، فَقَتَلَتْ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ نَشَّابَتُهُ، فَقُتِلَ جَمِيعُ الرُّمَاةِ، فَضَجَّ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِالتَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ، وَتَرَاءَتِ الْمَلَائِكَةُ لِلْهُنُودِ، فَلَمَّا رَآهُمْ رَزَحُ أَلْقَى اللَّهُ الرُّعْبَ فِي قَلْبِهِ وَسُقِطَ فِي يَدِهِ وَنَادَى

اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 219
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست