responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 210
إِحْدَاهُمَا الَّتِي ابْتَلَعَتِ الْخَاتَمَ، فَشَقَّ بَطْنَهَا، وَأَخَذَ الْخَاتَمَ، فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ مُلْكَهُ، فَاعْتَذَرُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ: لَا أَحْمَدُكُمْ عَلَى عُذْرِكُمْ وَلَا أَلُومُكُمْ عَلَى مَا كَانَ مِنْكُمْ.
وَسَخَّرَ اللَّهُ لَهُ الْجِنَّ وَالشَّيَاطِينَ وَالرِّيحَ، وَلَمْ يَكُنْ سَخَّرَهَا لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَهُوَ أَشْبَهُ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ - فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ - وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ - وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ} [ص: 35 - 38] .
وَقِيلَ فِي سَبَبِ زَوَالِ مُلْكِهِ غَيْرُ ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ذِكْرُ وَفَاةِ سُلَيْمَانَ
لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ إِلَى سُلَيْمَانَ الْمُلْكَ لَبِثَ فِيهِ مُطَاعًا، وَالْجِنُّ تَعْمَلُ لَهُ {مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} [سبأ: 13] وَغَيْرِ ذَلِكَ وَيُعَذِّبُ مِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ شَاءَ وَيَطْلُبُ مَنْ شَاءَ، حَتَّى إِذَا دَنَا أَجَلُهُ وَكَانَ عَادَتُهُ إِذَا صَلَّى كُلَّ يَوْمٍ رَأَى شَجَرَةً نَابِتَةً بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيَقُولُ: مَا اسْمُكِ؟ فَتَقُولُ: كَذَا. فَيَقُولُ: لِأَيِّ شَيْءٍ أَنْتِ؟ فَإِنْ كَانَتْ لِغَرْسٍ غُرِسَتْ وَإِنْ كَانَتْ لِدَوَاءٍ كُتِبَتْ، فَبَيْنَمَا هُوَ يُصَلِّي ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ رَأَى شَجَرَةً بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لَهَا: مَا اسْمُكِ؟ فَقَالَتِ: الْخُرْنُوبَةُ. فَقَالَ لَهَا: لِأَيِّ شَيْءٍ أَنْتِ؟ قَالَتْ: لِخَرَابِ هَذَا الْبَيْتِ - يَعْنِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ - فَقَالَ سُلَيْمَانُ: مَا كَانَ اللَّهُ لِيُخْرِبَهُ وَأَنَا حَيٌّ، أَنْتِ الَّتِي عَلَى وَجْهِكِ هَلَاكِي وَخَرَابُ الْبَيْتِ! وَقَلَعَهَا، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ عَمِّ عَلَى الْجِنِّ مَوْتِي حَتَّى يَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّ الْجِنَّ لَا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ.
وَكَانَ سُلَيْمَانُ يَتَجَرَّدُ لِلْعِبَادَةِ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ وَالشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ، وَأَقَلَّ وَأَكْثَرَ، يُدْخِلُ مَعَهُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، فَأَدْخَلَهُ فِي الْمَرَّةِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا، فَبَيْنَمَا هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي مُتَوَكِّئًا عَلَى عَصَاهُ أَدْرَكَهُ أَجَلُهُ فَمَاتَ، وَلَا تَعْلَمُ بِهِ الشَّيَاطِينُ وَلَا الْجِنُّ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ يَعْمَلُونَ خَوْفًا مِنْهُ، فَأَكَلَتِ الْأَرَضَةُ عَصَاهُ فَانْكَسَرَتْ فَسَقَطَ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ مَاتَ، وَعَلِمَ النَّاسُ أَنَّ الْجِنَّ لَا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ وَلَوْ عَلِمُوا الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ

اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 210
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست