responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 116
أَعْمَالِ دِمَشْقَ بِمَا فِيهَا، وَكَانَ لَهُ فِيهَا أَلْفُ شَاةٍ بِرُعَاتِهَا وَخَمْسُمِائَةِ فَدَّانٍ يَتْبَعُهَا خَمْسُمِائَةِ عَبْدٍ لِكُلِّ عَبْدٍ امْرَأَةٌ وَوَلَدٌ وَمَالٌ، وَيَحْمِلُ آلَةَ الْفَدَّانِ أَتَانٌ، وَلِكُلِّ أَتَانٍ وَلَدٌ، وَاثْنَانِ وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ، فَلَمَّا جَمَعَهُمْ إِبْلِيسُ قَالَ: مَا عِنْدَكُمْ مِنَ الْقُوَّةِ وَالْمَعْرِفَةِ، فَإِنِّي قَدْ تَسَلَّطْتُ عَلَى مَالِ أَيُّوبَ. فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمْ قَوْلًا، فَأَرْسَلَهُمْ، فَأَهْلَكُوا مَالَهُ كُلَّهُ، وَأَيُّوبُ يَحْمَدُ اللَّهَ وَلَا يَرْجِعُ عَنِ الْجِدِّ فِي عِبَادَتِهِ، وَالشُّكْرِ لَهُ عَلَى مَا أَعْطَاهُ، وَالصَّبْرِ عَلَى مَا ابْتَلَاهُ.
فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ إِبْلِيسُ مِنْ أَمْرِهِ سَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُسَلِّطَهُ عَلَى وَلَدِهِ، فَسَلَّطَهُ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ سُلْطَانًا عَلَى جَسَدِهِ وَلَا عَقْلِهِ وَقَلْبِهِ، فَأَهْلَكَ وَلَدَهُ كُلَّهُمْ، ثُمَّ جَاءَ إِلَيْهِ مُتَمَثِّلًا بِمُعَلِّمِهِمُ الَّذِي كَانَ يُعَلِّمُهُمُ الْحِكْمَةَ جَرِيحًا مَشْدُوخًا يُرَقِّقُهُ حَتَّى رَقَّ أَيُّوبُ فَبَكَى وَقَبَضَ قَبْضَةً مِنَ التُّرَابِ فَوَضَعَهَا عَلَى رَأْسِهِ فَسُرَّ بِذَلِكَ إِبْلِيسُ.
ثُمَّ إِنَّ أَيُّوبَ نَدِمَ لِذَلِكَ وَجَدَّ وَاسْتَغْفَرَ، فَصَعِدَ حَفَظَتُهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ بِتَوْبَتِهِ إِلَى اللَّهِ قَبْلَ إِبْلِيسَ، فَلَمَّا لَمْ يَرْجِعْ أَيُّوبُ عَنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ وَالصَّبْرِ عَلَى مَا ابْتَلَاهُ بِهِ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُسَلِّطَهُ عَلَى جَسَدِهِ، فَسَلَّطَهُ عَلَى جَسَدِهِ، فَسَلَّطَهُ عَلَيْهِ خَلَا لِسَانَهُ وَقَلْبَهُ وَعَقْلَهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ عَلَى ذَلِكَ سُلْطَانًا. فَجَاءَهُ وَهُوَ سَاجِدٌ فَنَفَخَ فِي مِنْخَرِهِ نَفْخَةً اشْتَعَلَ مِنْهَا جَسَدُهُ وَصَارَ أَمْرُهُ إِلَى أَنِ انْتَثَرَ لَحْمُهُ وَامْتَلَأَ جَسَدُهُ دُودًا، فَإِنْ كَانَتِ الدُّودَةُ لَتَسْقُطُ مِنْ جَسَدِهِ فَيَرُدُّهَا إِلَيْهِ وَيَقُولُ: كُلِي مِنْ رِزْقِ اللَّهِ، وَأَصَابَهُ الْجُذَامُ، وَكَانَ أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ فِي جَسَدِهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ ثُمَّ يَتَفَقَّأُ، وَأَنْتَنَ حَتَّى لَمْ يُطِقْ أَحَدٌ يَشُمُّ رِيحَهُ، فَأَخْرَجَهُ أَهْلُ الْقَرْيَةِ مِنْهَا إِلَى الْكُنَاسَةِ خَارِجَ الْقَرْيَةِ لَا يَقْرَبُهُ أَحَدٌ إِلَّا زَوْجَتُهُ، وَكَانَتْ تَخْتَلِفُ إِلَيْهِ بِمَا يُصْلِحُهُ، فَبَقِيَ مَطْرُوحًا عَلَى الْكُنَاسَةِ سَبْعَ سِنِينَ مَا يَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَكْشِفَ مَا بِهِ، وَمَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْهُ.
وَقِيلَ: كَانَ سَبَبُ بَلَائِهِ أَنَّ أَرْضَ الشَّامِ أَجْدَبَتْ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ إِلَى أَيُّوبَ أَنْ هَلُمَّ إِلَيْنَا فَإِنَّ لَكَ عِنْدَنَا سَعَةً، فَأَقْبَلَ بِأَهْلِهِ وَخَيْلِهِ وَمَاشِيَتِهِ، فَأَقْطَعَهُمْ فِرْعَوْنُ الْقَطَائِعَ. ثُمَّ إِنَّ شُعَيْبًا النَّبِيَّ دَخَلَ إِلَى فِرْعَوْنَ فَقَالَ: يَا فِرْعَوْنُ، أَمَا تَخَافُ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ غَضْبَةً

اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 116
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست