اسم الکتاب : الفتح العمري للقدس نموذج للدعوة بالعمل والقدوة المؤلف : شفيق جاسر أحمد محمود الجزء : 1 صفحة : 187
كما أنه ليس من المستغرب أن نعلم بأن معظم سكانها قبل الفتح كانوا من أصل عربي، شأنهم شأن سكان فلسطين، حيث كان جل سكانها من لخم وجذام الذين تنصروا[1]. ولو رجعنا إلى التاريخ أكثر قليلاً لوجدنا أصل سكانها من اليبوسيين الكنعانيين الذين هاجروا لبلاد الشام من السواحل الشرقية للجزيرة العربية.
الروايات المختلفة في كيفية وتاريخ فتحها:
لهذا كله أهتم المؤرخون المسلمون بأخبار فتحها، والسنة التي تم فيها الفتح، كما أفاضت كتب التاريخ في ذكر أخبار محاضرة المسلمين لها، وحضور الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه لتسلمها ومصالحة أهلها وإعطائهم عهد الأمان الذي عرف بالعهدة العمرية، بالإضافة إلى بناء مسجده بساحة المسجد الأقصى.
ومن دراسة الروايات المختلفة يتبين لنا أن الروايات الشامية تؤكد أن هدف قدوم الخليفة عمر بن الخطاب من المدينة إلى الشام، كان تسلم مدينة القدس بناء على طلب أبي عبيدة، القائد العام للجيوش الإسلامية المحاصرة لها، وتلبية لرغبة بطريركها. مما يؤكد أهمية القدس لدى المسلمين، وهذا لا يمنع أن يكون الاجتماع بالمسلمين وتنظيم إدارة بلاد الشام أحد أهداف الخليفة عمر أيضاً من مسيره إلى الشام. فسار بعد تسلم القدس إلى الجابية حيث كانت غنائم اليرموك وغيرها موجودة هناك، وقد أيد الشاميين في وجهة النظر هذه بعض الرواة الحجازيين. وإنني أميل إلى ترجيحها، فأهل الشام قد يكونون أدرى بفتوح بلادهم.
أما الروايات التي ذكرت بأن حضور الخليفة إنما كان بقصد الاجتماع بالقادة المسلمين في الجابية، ثم اتفق أن طلبت القدس الاستسلام في ذلك الوقت فذهب إليها الخليفة وتسلمها، فهي على الأغلب روايات كوفية، بعيدة عن مجريات الأحداث، إن لم نقل إن الغرض منها قد يكون إظهار أن القدس ليس لها فضل كبير على المدن الأخرى، وذلك نكاية بالأمويين الذين كانوا يظهرون اهتماماً خاصاً بالقدس، وهذا ينطبق على الروايات التي أفادت بأن خالد بن ثابت الفهري، أو عمرو بن العاص هما اللذان حاصرا القدس واضطرا أهلها لطلب الصلح، وكذلك الرواية التي ذكرت بأن العوام هم الذين صالحوا عمر بن الخطاب وليس البطريرك صفرونيوس. [1] البلاذري: 259، الواقدي: 1:170.
اسم الکتاب : الفتح العمري للقدس نموذج للدعوة بالعمل والقدوة المؤلف : شفيق جاسر أحمد محمود الجزء : 1 صفحة : 187