اسم الکتاب : العرب في صقلية المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 89
المعلمون، أو من بذل الفدية عن نفسه، أو تخلف مع رابطة السلطان، فكان من السهل على من يخشى لقاء العدو أن يتخذ التعليم حرفة له ولذلك نزع إلى التعليم بلههم وحسنه لديهم جهلهم " [1] .
هذه الكثرة ف يعدد المعلمين والمساجد والمكاتب تشير إلى نشاط تعليمي واسع، ومهما تكن الأسباب التي أدت إلى كثرة المعلمين؟ وما ذكره ابن حوقل لا يعدو الحق؟ فالذي لا شك فيه أن المعلم في هذا العصر كان شخصية طاغية الأثر في حياة الناس. وكان أهل صقلية يخالفون ابن حوقل في نظرتهم إلى المعلمين؟ كانوا يرون انهم " أعيانهم ولبابهم وفقهاؤهم ومحصلوها وأرباب فتاويهم وعدولهم، وبهم عندهم يقوم الحلال والحرام وتعقد الأحكام وتنفذ الشهادات وهم الأدباء والخطباء " [2] . وقد رأى ابن حوقل من هؤلاء المعلمين من يتولى خطبة الجمعة، وعرف منهم العدول، وسمى من توصل من بينهم إلى منصب القضاء. فكان هؤلاء المعلمون هم الذين يوجهون الرأى العام في أمور الدين والدنيا، ولعل تدخلهم في الأمور السياسية هو الذي جعل ابن حوقل يصب عليهم نقمته المريرة ويرميهم بكل نوع من أنواع الخسة والنذالة، دل على ذلك قوله فيهم " حتى انهم المتكلمون على السلطان في سيره واختياراته. والإطلاق بالقبائح من ألسنتهم بمعايبه وإضافة محاسنة إلى مقابحه " [3] . فمن هو السلطان الذي يعنيه ابن حوقل؟ أهو حاكم صقلية أم الخليفة الفاطمي؟ سواء أكان هذا أم ذاك ففي كلمات ابن حوقل دلالة على المقاومة التي كان يقودها جماعة المعلمين في وجه المذهب الشيعي.
ويفهم مما ذكره ابن حوقل أن حرفة التعليم لم تكن تدر خيراً كثيراً على أصحابها، حتى كان فيهم من لا يصيب من طلابه على كثرتهم اكثر من عشرة [1] المصدر السابق: 127. [2] ابن حوقل 1/ 127. [3] المصدر السابق: 126.
اسم الکتاب : العرب في صقلية المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 89