اسم الکتاب : العرب في صقلية المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 87
[2] - المدارس والمعلمون
وفيما كتبه ابن حوقل عن صقلية ما ينقل إلينا شيئاً عن النشاط الثقافي فيها أثناء فترة معينة. فقد سجل هذا الرحالة؟ حينما زار بلرم؟ ظاهرتين كانتا متلازمتين تقريباً هما كثرة المساجد وكثرة المعلمين، فعرف أن في بلرم ما يزيد على مائتي مسجد، وقرر أنه لم ير مثل هذا العدد في بلد من البلدان الكبار ولا سمع به إلا فيما يتذاكره أهل قرطبة. قال " ولقد كنت واقفاً ذات يوم بها في جوار دار أبي محمد القفصي الفقيه الوثائقي فرأيت من مسجده في مقدار رمية سهم نحو عشرة مساجد يدركها بصري ومنها شيء تجاه شيء وبينها طريق ([1]) " وعلة هذه الكثرة فيما استطاع أن يتعرفه من سؤال الناس " أن القوم لشدة انتفاخ رؤوسهم كان يحب كل واحد منهم أن يكون له مسجد مقصور عليه، لا يحب أن يشركه فيه غير أهله وحاشيته، وربما كان أخوان منهم متلاصقة دارهما متصاقبة الحيطان، فعمل كل واحد منهما مسجداً لنفسه ليكون جلوسه فيه وحده ([2]) ".
وربما كان هذا التعليل الذي يقول به ابن حوقل صحيحا لأن فيه ما يصور تلك الروح الفردية التي كانت تغلب على الحياة الإسلامية هنالك. غير أنا لا ننسى أن المسجد لازم استيطان المسلمين في كل بلد من بلدان صقلية حتى كان القائد يبني المسجد والمنبر تواً إثر استيلائه على بلد أو حصن، وهي ظاهرة صاحبت الفتح الإسلامي في أقطار أخرى، ولكنها كانت في صقلية أشد وأعنف، لرسوخ المسيحية فيها عند الفتح، فالإكثار من بناء المساجد [1] المكتبة الصقلية: 6 - 7. [2] المصدر نفسه: 6 - 7.
اسم الکتاب : العرب في صقلية المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 87