اسم الکتاب : العرب في صقلية المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 318
والخلاصة أن صقلية بموقعها وببحرها وروحها الحربية استطاعت أن تتحكم في توجيه الأدب ولكنها لم تستطع أن تتحكم في تكوينه، وإذا كان هناك شاعر يمثل جوانبها المتعددة في وصف الخمر والبحر والجهاد، وفي الروح الدنيوية وفي قوة التعبير عن هذه جميعاً فهم ابن حمديس، ومع ذلك فإنه تكوين لم يتم لأنه فقد صقلية وهو اشد ما يكون تعلقاً بها، ومن ثم صهرت كل هذه الاتجاهات عنده في شعور بالوطن قد لا نجد له مثيلا عند أي شاعر آخر رثى وطنه. 4
- صقلية بين التأثر والتأثير
ويحكم هذا الموقع أيضاً كانت صقلية متأثرة مؤثرة؟ كانت تستقبل المؤثرات الخارجية المهاجرة أليها من الكتب والمهاجرين على اختلاف مهنهم، وظهر هذا التأثر في فنها، حتى لم يعثر دارسو الفن في صقلية الإسلامية على ما يميزها فيه عن سائر الأقطار الإسلام، وظهر كذلك في شعرها وخاصة في صورته التقليدية - كانت متأثرة حين تعتبرها جزءاً من بلاد الإسلام، وكانت مؤثرة حين تعتبرها جزءاً من ذلك العالم متفوقا على ما حوله في الحضارة، حتى كانت حضارتها مما تقتبس، وكان مبلغ من الجودة في الأشياء عند بعض العارفين بالحضارة الإسلامية انه شئ يعجب اليونان والمسلمين، وهذه الحضارة هي التي احبها النورمان وشجعوها وجاء من بعدهم فردريك الثاني منفريد وسارا على منوالهم [1] .
وقد كان فردريك شخصية ذات جوانب متعددة فهو شاعر محب للفلسفة وتربية الحيوانات والتريض والصيد، وهو مشرع مستنير يضطهد المارقين، ويصادق اليهود والمسلمين، ويحسن لغات عدة ويقول فيه معاصره سالمبين: [1] Haskins: Studies in Med. Gulture p. 124.
اسم الکتاب : العرب في صقلية المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 318