اسم الکتاب : العرب في صقلية المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 271
فقد اكتستْ جناتها ... من بينها حللاً بهيه
غطى عبير ترابها ... بمدبجات سندسيه
يُهْدي إليك نسيمها ... أفواه طيبٍ عنبريه
واستوقفتْ أشجارها ... بأطايب الثمر الجنيه
وتجاوبتْ أطيارها ... في الصبح دأباً والعشيه
وبها رُجارُ نمى العلا ... ملك الملوك القيصرية
في طيب عيش دائمٍ ... ومشاهد فيها شهيه وإذا كنا لا نستطيع أن نتهم البثيري صراحة بعدم التأثر والاستجابة لفتنة القصور والأشجار والمياه، فالأمر مختلف مع ابن بشرون إذ أ، هـ دفع إلى المحاكاة دفعاً فردد ما قاله البثيري أوكاد، وكلاهما ذكر الحلل ووصفها بأنها بهية، واشار إلى الرائحة العطرة التي يحملها النسيم، ثم زاد ابن بشرون ملاحظته للأشجار المستوسقة بأثمارها، وتجاوب الأطيار في أعاليها. وربما لم يغفل البثيري هذين المنظرين لأن قصيدته غير تامة. وتسيطر صورة الجنة على ابن بشرون أكثر من صاحبه فهنا الغرف العلية والعيون الكوثرية والمدبجات السندسية، فالمثال عند الشاعرين واحد.
وكما وقف هذان الشاعران أمام القصور ومتنزهاتها وقف عبد الرحمن الطرابنشي أمام متنزه المعتزية المعروف بالفوارة يقول:
فوارةَ البحرين جمّعْت المنى ... عيشٌ يطيبُ ومنظرٌ يستعظم
قُسمَتْ مياهُك في جداول تَسعةٍ ... يا حبذا جريَانها المتقسم
في ملتقى بحريك معترك الهوى ... وعلى خليجيك الغرام مخيم
لله بحر النخلتين وما حوى ال؟ ... بحر المشيد به المقام الأعظم ففي فوارة البحرين تجمعت لمنى " عيش يطيب ومنظر يستعظم " ولا باس بهذا الجمع لأن المنى لا تجمع الأشياء حسب ترتيب منطقي، ولكن أرأيت
اسم الکتاب : العرب في صقلية المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 271