اسم الکتاب : العرب في صقلية المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 267
وأما ثانياً فلأنها في الواقع اتجهت إلى الشعر اتجاهاً جعلنا نحكم لها بكثرته. ولقلة هذا الموجود من النثر لا نستطيع أن نحكم له بالتفوق على الشعر، إلا أن في رسائل ابن الصباغ في العصر السابق والنثر الذي أورده ابن بشرون كمية - على قلتها - تعطينا فكرة طيبة عن النثر في صقلية، فهو نثر عامر بالحياة فيه صنعة ولكنه ذو موضوع حي.
ومهما يكن من أسباب فإن الذين أخلصوا للشعر وحده أبين شخصية ممن غلبت عليهم نواح أخرى من النشاط، فلابن الخياط وابن حمديس وأبي العرب الصقلي مشخصات بينه على قلة ما نملك من شعر الأول والثالث، أما شعراء العصر النورماني فليس فيهم شاعر يهيء لنا شعره رسم صورة عامة لشخصيته.
ولابد من أن نقرر منذ البدء أن الشعر في العصر النورماني عاش في بيئتين في كل منهما خصائص اجتماعية ونفسية مختلفة، ولذلك نستطيع أن ندرس هذا الشعر على أنه قسمان:
(أ) شعر يتصل بالملك النورماني وبلاطه وفيه المدح ووصف المباني والمتنزهات الملكية وفيه الرثاء لأقرباء الملك أو أبنائه فالشاعر عبد الرحمن المالطي أكثر شعره في مدح رجار " يسأله العودة إلى مالطة، ولا يحصل منه إلا على المغالطة " وعمر بن حسن النحوي الصقلي وقع أسيراً في يد النورمان فهو يمدح رجار لعله يطلقه: وعبد الرحمن البثيري وابن بشرون وعبد الرحمن الاطرابنشي من الوصافين لقصور رجار ومتنزهاته، وأبو الضوء سراج الكاتب يرثى رجار الابن البكر لرجار الثاني.
(ب) شعر يصور حياة المسلمين وعلاقاتهم فيما بينهم وفيه العتاب والمدح والرثاء وشعر الرسائل، أو يصور أموراً ذاتية كالغزل بالمؤنث والمذكر وشعر المجون.
اسم الکتاب : العرب في صقلية المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 267