responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العرب في صقلية المؤلف : إحسان عباس    الجزء : 1  صفحة : 219
فهذه الصورة الريفية الجميلة التي استغلها في معنى الصنيعة والنعمة لا تجد لها مثيلا في وحدتها واكتمالها وتدرجها من بين الشعر الصقلي، وهي أول صورة ترف رفيفها وتهتز بالسنابل، ولا شك في أن الوقوع عليها لمن يعيش في صحراء الشعر الصقلي ابن الكتاتيب والكراسات، كسب يجعله يعلق بها كما يعلق الكرم بمن يدنو منه - والتشبيه لشاعر صقلي آهر.
ويقول في تكرير التجربة مرة بعد مرة:
كالصخرة الصماء يرجعُ معولى ... متثلماً عنها ولا يتفطر
لا بل أصابرُها على نزقاتها ... إن المياه من الصفا تتفجر وتتردد هذه الصورة - صورة الماء المتفجر من الصف - في شعره. وفي البيتين السابقين تحس في ذكر المعول صقلياً من أولئك الكادحين في الأرض، وفي الأمواه المتفجرة صورة من تلك الينابيع التي تستوطن الصخر. ولا شك في أن صورة السنابل والحجر الذي انفجرت منه اثنتا عشرة عيناً مستمدتان من القرآن الكريم، ولكن الشاعر لم يقع على هذه الصور بمحض المصادفة أو لمحض ورودها في القرآن، ففيه صور أخرى كان يستطيع أن يستمدها منه ولكن هذه المعاني تحتل من نفسه مكاناً عميقاً، لأنها من البيئة الزراعية ذات السنابل أو ذات الصخور المتفجرة بالينابيع، فاستحضار هذه الصور ملائم للمعنى حقاً، وهو أيضاً دليل على اشتغال نفسه بها اشتغالا يؤكد تأثير البيئة.

اسم الکتاب : العرب في صقلية المؤلف : إحسان عباس    الجزء : 1  صفحة : 219
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست