اسم الکتاب : العرب في صقلية المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 139
يجدون بغيهم عند صاحب صقلية، كلما شاء واحد منهم أن يكبد لصاحبه، وييروى أنه اجتمع في بلاط الملك النورماني سفيرران لأميرين مسلمين فتشاتما وتراشقا بالكلام في مجلسه. وحادثة عمارة اليمني والمتآمرين على صلاح الدين [1] مثالٌ من أمثلة كثيرة لاستعانة الأغراض والأطماع بصقلية وصاحبها.
وكان بنو باديس يحاولون محاولة المستميت ليسددوا ضربة قوية إلى هذه المملكة الصقلية. ومن ورائهم شعراء فيهم ابن حمديس وأبو الصلت يهللون لكل نصر مهما يكن شأنه، ولكن الضعف كان قد بسط ظله الكثيف على كل تلك الدويلات المتنافسة، وكانت الدولة الفاطمية قد أخذت تستملي سياسة الضعف المبهور في معاملتها لهذه الدولة الفتية، حتى إن الخلفية الفاطمي ليقول لرجار حين أبلغه نبأ احتلاله لجزيرة جربة: وأما ما ذكرته من افتتاحك الجزيرة المعروفة بجربة، لما شرحته من عدوان أهلها، وعدولهم عن طرق الخيرات وسبلها، واجترائهم في الطغيان على أسباب لا يجوز التغافل عن مثلها، واستعمالهم الظلم تمرداً، وتماديهم في الغي، تباهياً في الباطل وغلوا، يأساً من الجزاء لما استبطأوه، فإن من كانت هذه حالته حقيق أن تكون الرحمة عنه نائية، وخليقٌ أن يأخذه الله من مأمنه أخذه رابية " [2] .
وكان لابد لهذه الأحوال أن تهيء لظهور نوع من الجهاد الديني هو الذي قام به عبد المؤمن من بعد.
والسلمون في صقلية يعيشون تحت حكم النورمان وهم يرون الحروب الصليبية أو الحروب باسم الدين تجتاح بلاد الشام، ولعل تلك الروح الدينية هي التي أملت ذلك الأسلوب من الرد الحاد على رجار حين قال لزاهد مسلم كان يقربه ويحترمه بعد ان انتصر أسطوله في بعض جهات أفريقية - وأين كان محمد عن تلك البلاد وأهلها؟ فقال ذلك الشيخ الزاهد -: كان قد غاب عنهم وشهد فتح الرها [3] . [1] انظر رحلة التيجاني في المكتبة 310 - 311 في تفصيل الحادثة. [2] صبح الأعشى 6/ 459. [3] ابن الأثير 11/ 41 والمكتبة: 288.
اسم الکتاب : العرب في صقلية المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 139