اسم الکتاب : العرب في العصور القديمة المؤلف : لطفي عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 395
بالضرورة في المعابد، كانت تحصل على دخل كبير من التجارة التي كان لا بد أن تمارسها في هذا المجال.
ولعل هذه القوة الاقتصادية هي التي انعكست على الصعيد السياسي في واحدة على الأقل من هذه الممالك العربية الجنوبية، وهي مملكة سبأ، التي رأينا رجال الدين فيها ينتزعون الصلاحيات الدينية من يد الملوك بعد أقل من قرن ونصف قرن من قيام هذه المملكة، لينفردوا بها "منذ حوالي 610 ق. م" نحو خمسة قرون كاملة[54]. وقد كان السلطة المترتبة على الصلاحيات الدينية في العصر القديم هي إحدى السلطات الرئيسة في نظم الحكم في المجتمعات المستقرة.
والمركز الذي كان يتمتع به رجال الدين في ممالك العربية الجنوبية، سواء من الناحية الاقتصادية أو من الناحية السياسية، نجد شبيهًا له في العربية الشمالية في مملكة تدمر. فهنا كذلك نجد رجال الدين على قدر كبير من القوة والنفوذ في هاتين الناحيتين. وعلى سبيل المثال فالكهنة الذين كانوا يقومون على معبد الإله بل "كبير الآلهة" وتابعيه الإله يرحبول "إله الشمس في أحد مظاهره" والإله عجلبول "إله القمر" كانوا لا يسمحون لأحد أن يدخل ضمن صفوفهم إلا إذا كان ينتمي إلى الأرستقراطية التجارية في تدمر. كذلك كانت موافقتهم لازمة لتعيين كبار الموظفين في الدولة، وهكذا فإن النصوص التي تشير إلى أن الإله يرحبول قد سمى أحد الأشخاص ليشغل إحدى هذه الوظائف معناها في الحقيقة أن مجموعة هؤلاء الكهنة قد اختاروا هذا الشخص للوظيفة المسماة[55].
أما الظاهرة الأخرى أو الظرف الآخر الذي اتصل بالحياة الدينية في شبه [54] راجع الوضع السياسي أعلاه في هذا الباب. [55] SYRIG: SYRIA, xxii "1941" صفحات 268 وما بعدها.
اسم الکتاب : العرب في العصور القديمة المؤلف : لطفي عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 395