اسم الکتاب : العرب في العصور القديمة المؤلف : لطفي عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 364
نظام آخر من أنظمة الحكم في شبه الجزيرة في العصور القديمة نجده في مملكة الأنباط التي قامت وازدهرت كمملكة مستقلة في أغلب مراحل وجودها حتى أدخلها الرومان في دائرة نفوذهم في أواخر القرن الأول ق. م. أو أوائل القرن الأول الميلادي قبل أن تتحول إلى ولاية رومانية رسمية في أوائل القرن التالي. وفي هذه المملكة كان منصب الملك وراثيًّا كذلك. ولكن يبدو أن الحكم مع ذلك لم يكن فرديًّا، فنحن نجد مجلسًا شعبيًّا يذكر لنا الكاتب اليوناني سترابون أن الملك كان يقدم أمامه تقريرًا عن أعماله، بل لقد كان هذا المجلس يناقش الأسلوب الذي يتبعه الملك في حياته الخاصة في بعض الأحيان. كذلك كان يحد من سلطات الملك وزير أو رئيس للجهاز التنفيذي يتخذ لفظ "الأخ" ونحن نعرف على الأقل واحدا من الذين شغلوا منصب "الأخ" وهو سللايوس syllaeus "صلاء، شلاء" الذي عاصر حملة الرومان على شبه الجزيرة العربية في 24 ق. م. وقد كان صاحب سلطة واسعة فعلًا. وربما كان ناتجًا عن قوة شخصيته وضعف شخصية الملك النبطي آنذاك وهو عبيدة "أوبودا oboda عند الرومان" كما يشير إلى ذلك سترابون في شيء من التفصيل. ولكن مع ذلك فإن التسمية التي أطلقت على المنصب وهي "الأخ" تشير إلى شيء من اتساع صلاحيات هذا المنصب[20].
أما النوع الأخير من نظم الحكم أو النظم السياسية فقد وجد في جنوبي شبه الجزيرة العربية، والنظام كان ملكيا في الدول التي قامت في هذا القسم من شبه الجزيرة. ويبدو أن الملكية في هذه المنطقة كانت فردية مطلقة في المرحلة الأولى من مراحل ظهورها، وهي مرحلة ترجع إلى القرن السابع على أقل تقدير في بعض أجزاء المنطقة. ويظهر لنا ذلك من أن الملك كان يجمع بين [20] عن الحكم الوراثي ومنصب الأخ، ونفوذ سللايوس إزاء ضعف شخصية عبيدة strabo: XVI, 4: 21، عن الملك ومجلس الشعب، ذاته: XVI, 4: 26 مناقشة لشخصية سللايوس في، kammerer ذاته، صفحات 90-91.
اسم الکتاب : العرب في العصور القديمة المؤلف : لطفي عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 364