اسم الکتاب : العرب في العصور القديمة المؤلف : لطفي عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 25
من شمالي السودان وحتى الطرف الجنوبي لمصر مجموعة من الجنادل والشلالات التي تقف حاجزًا في سبيل الملاحة النهرية، والثاني هو انحسار الوادي في أقصى جنوب مصر بحيث تكاد الصحراء تلتصق بمجرى النهر مما يحول دون أي نزوح أو اتصال بشري وحضاري على نطاق واسع. وهكذا فإن هذا الجنوب الزنجي، إذا كانت له منجزات حضارية قديمة، فإنها بقيت مغلقة في أرجائه دون أن تجد سبيلها للانتشار وللتأثير في استمرار التطور الحضاري[6].
ونأتي أخيرًا إلى المنطقة المترامية الواقعة إلى الشرق من منطقة نشوء الحضارات والتي يقطن أغلبها الجنس الأصفر أو العنصر المغولي. إن هذه المنطقة لم تظهر فيها الحضارة إلا في وقت متأخر كانت فيه حضارات الشرق الأدنى "وهو جزء من منطقة نشوء الحضارات" قد وصلت إلى درجة كبيرة من التقدم، ففي الصين مثلا، التي كان يعتقد خطأ أنها ذات حضارة بالغة في القدم، نجد أن أول قطعة معدنية تشير إلى استخدام الصينيين للمعادن ترجع إلى القرن الثاني عشر "1200" ق. م. أي بعد استخدام المعادن في مصر بنحو ثلاثة آلاف سنة على الأقل، وبعد استخدامها في غربي آسيا بأكثر من ذلك. أما عن الكتابة، فإن أقدم وثيقة مكتوبة باللغة الصينية عثر عليها حتى الآن ترجع إلى القرن الحادي عشر ق. م. أو إلى القرن الذي يسبقه على أكثر تقدير، أي بعد 1000 سنة من ظهور الكتابة في منطقة الشرق الأدنى. وفوق هذا فإن قبائل الجنس الأصفر، التي حملتها هجراتها في اتجاهات متعددة بسبب الجفاف والقحط الذي كان دائم الزحف على امتدادات وسط آسيا، حين وصلت عن طريق هذه الهجرات إلى منطقة نشوء الحضارات، كانت الإنجازات الحضارية قد وصلت في هذه المنطقة إلى ذروة نضجها[7]. [6] j.b.breasted: ancient times, ahistory of the early world ص133. ط 2 "1944 boston". [7] المؤلف ذاته: المرجع ذاته: صفحات 132 - 133.
اسم الکتاب : العرب في العصور القديمة المؤلف : لطفي عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 25