اسم الکتاب : العرب في العصور القديمة المؤلف : لطفي عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 107
الوفرة أو الانتظام. وقد أدى هذا إلى ظهور بعض الواحات التي قد يستمر بعضها دون البعض الآخر. ودليلنا على هذا عدد من الواحات, أكبرها تشغل مساحتها عشرة أميال مربعة، لا تزال باقية في القسم الشمالي من الحجاز، بينما عدد آخر من الواحات التي كانت موجودة في المنطقة إما اندثر أو اضمحل مثل واحة "فَدَك" "تعرف حاليا باسم الحائط" التي كان لها شأن في صدر الإسلام, ولكنها لم تعد الآن على ما كانت عليه من الخصوبة آنذاك.
على أن هذه الأمطار، على عدم وفرتها أو انتظامها في كل المناطق بنسب متساوية، قد تهطل في بعض الأحيان بغزارة غير معتادة فتتحول إلى سيول قد تؤدي شدة تدفقها إلى إغراق بعض السكان أو إلى تدمير بعض معالم العمران كما كان يحدث في بعض الأحيان في مكة والمدينة، وفيما يخص مكة فقد كاد أحد هذه السيول أن يهدم الكعبة في دفقة من دفقاته العنيفة، ولكن مع ذلك فلم تكن كل هذه السيول شرا محضا، فقد عمل السكان أو الحكومات على السيطرة عليها عن طريق بناء سدود تختزن مياهها للانتفاع بها في أوقات الجفاف, وأشهر هذه السدود هو سد "مأرب" في اليمن. وإن لم يكن هذا هو السد الوحيد، فقد وجد الرحالة آثار سدود قديمة في بعض مواضع في الحجاز ونجد والعربية الجنوبية تعود إلى ما قبل العصر الإسلامي[18]. [18] lammens: ذاته، صفحات 17-25, راجع الحديث عن السدود في الباب الخاص بالآثار والنقوش في القسم الثاني من هذه الدراسة, راجع كذلك ملحق اللوحات في آخر الدراسة، هذا وكان بعض السيول ينزل بغزارة في الحجاز بحيث يهدد الكعبة. وفي هذا الصدد يعقد البلاذري: فتوح البلدان "ليدن 1866" صفحات 53 فصلًا بأكمله عن سيول مكة، صفحات 53-55.
3- النبات والحيوان:
وقد ظهر أثر هذا الجو الذي يسوده الجفاف, إلى جانب ملوحة أجزاء
اسم الکتاب : العرب في العصور القديمة المؤلف : لطفي عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 107