responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 98
طقوسًا أمام مقاصير أربابه، مشدود العضلات وافقًا متزنًا حينًا، ومسرعًا تكاد أطراف أصابعه لا تلمس الأرض حينًا آخر. وجعلوا لسطوح صوره تموجات خفيفة تعبر عن تكوين عظامه وشدة عضلاته ونحافة خصره وامتلاء شفتيه. وقد عبرت الصور عن كل ذلك بوضوح على الرغم من أنها لا تبرز عن مسطح لوحاتها بأكثر من ملليمترات قليلة. ونقشوا على قواعد بعض تماثيله عبارات وأشكالًا هيروغليفية بلغت حد الروعة في رقتها ونعومة مظهرها. وأظهر تمثال زوسر الكامل صاحبه في وقار وجدية، واكتفى المثال في نحته بالخطوط العامة، ولكنه تجاوز هذه الخطوط في تماثيله الأخرى التي أقامها في فناء العيد، فأظهر فيها إلى جانب البساطة في هيئتها العامة نصيبًا بارعًا من العناية بالتفاصيل في تمثيل جدائل العشر المستعار وتفاصيل نسيج الثياب وزخارف أهدابها، وتفاصيل الحلي ذات الوجوه الحتحورية التي تتوسطها، وتفاصيل الخرز المنظوم في شرائط الأحزمة التي كان الملك يتمنطق بها.
وسايرت فنون الأفراد في عصر الأسرة الثالثة آثار الملوك في حدود إمكانياتها. وأبرع ما بقي من نقوشها هي نقوش الكاتب العالم "حسي رع" وقد نفذها فنانوها على إحدى عشرة لوحة خشبية كست مشكاوات واجهة مقبرته. وأظهروا فيها صوره وعلامات الكتابة التي سجلوا بها ألقابه بنفس الرقة وقلة البروز وخاصية النحافة التي أظهروا بها صور الملك زوسر ونقوشه. واستعانوا بتموجات السطوح على إظهار رشاقة صاحبها وعظام خديه وترقوتيه بل أو شفافية جلد وجهه. وأنفقوا الجهد والصبر وأظهروا البراعة في تمثيل شعوره المستعارة بتفاصيل دقيقة تختلف من لوحة إلى أخرى. وشاركهم رسام بارع سجل رسومه على جدار دهليز داخلي بُني من اللبن بنفس المقبرة وكسيت واجهته بالملاط، واستخدم فيها ستة ألوان زاهية صور بها ستائر الحصير الفاخرة، ورسم أسرة ومقاعد بمساقط أفقية ورأسية وجانبية سليمة. وجمع في الشكل الواحد منها بين أكثر من مسقط واحد رغبة في إظهار خصائصها على أوضح ما تكون. وعلى أساس هذه الرغبة رسم أواني ومرايا ومغارف داخل صناديق. ولكنه رسمها بتفاصيلها واضحة ظاهرة كأنما صنعت صناديقها من مادة شفافة أو كأنما نزعت عنها جوانب صناديقها وأغطيتها[1].
وبقي من تماثيل كبار الأفراد في عصر الأسرة الثالثة نحو ثمانية تماثيل يرجع أغلبها إلى ما بعد عهد زوسر بقليل. ويمتاز الجالس منها بجلوس صاحبه على مقعد حجري بسيط يقلد مقعدًا خشبيًّا بمسند منخفض أو بغير مسند وله قوائم ملتوية من الخيزران قلدت في الحجر بالنقش البارز، وتفاوتت قيم هذه التماثيل من حيث إتقانها ونجاح النحت فيها. وأفضلها ثلاثة: اثنان لرجل يدعى سبا، والثالث لزوجته. وقد صنعها مثالها من الحجر الجيري وأظهر نسبها سليمة وأظهر تفاصيل شعورها وثيابها، ولون بعض أجزائها بألوان لا يزال باقيًا منها لون الكحل الأخضر حول العيون. ومثل عصا سبا في جسم تمثاله بما يشبه النقش البارز أو النقش المجسم[2].

[1] J. E. Quibell, Tomb Of Hesy, Ciro, 1913.
[2] W. S. Smith, A History Of Egyptian Sculpture And Painting, 17 F.
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 98
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست