اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح الجزء : 1 صفحة : 69
من آثار العقرب:
بدأت النقوش تسجل أحداثًا بعينها وتنقش بأسماء أشخاص بعينهم، وأقدم المعروف منها في هذا السبيل، نقوش رأس مقمعة حجرية لملك صعيدي لقبه أتباعه بلقب العقرب[1]. وقد صورته نقوشه ملكًا يولي مشروعات الزراعة والري حقها، ويولي مشروعات الحرب والفتح حقها. فصورته في هيئة كبيرة فارعة يتوسط مناظر المقمعة بتاج الصعيد ورداء قصير يغطي كتفًا واحدة ويمتد حتى الركبة ويتدلى منه ذنب طويل، ويقبض بيديه على فأس كبيرة يهم أن يشق الأرض بها في حفل افتتاح مشروع للري أو للزراعة. وظهر أمامه مجموعة من حامل الألوية كانوا يتقدمون موكبه، وكاهن برداء قصير ذي حملات من جلد الفهد، يتقدم إليه بمجموعة من سنابل الغلال، وتابع ينحني أمامه بمكتل من الخوص يحتمل أنه كان يتضمن كمية من البذور أو كمية من تراب الأرض. وظهر خلفه تابعان آخران يرفعان مروحتين عاليتين لتخفيف حدة الحر أو حرارة الشمس عنه. ثم مجموعة إناث، جلست بعضهن في محفات، ووقفت الأخريات يصفقن ويرقصن؛ مشاركة منهن في مراسيم الحفل، وظهرت إلى جانبهن مجموعة من سيقان البردي. وحاول الفنان أن يصور معالم البيئة الزراعية التي جرى الحفل فيها، وفصور شبه جزيرة يحيطها النهر بذراعيه ويعمل بها نفر من المزارعين وأظهر فيها نخلة وكوخًا من البوص، رمزًا بطبيعة الحال على عدد أكبر من النخيل والأكواخ. وصور معبدين صغيرين متباعدين على ضفة النهر "أو فوق جزيرتين أخريتين"، يعتبر تصويرهما من أقدم صور المعابد المصرية العتيقة المعروفة. وعلى نحو ما رمز بنقوشه إلى النشاط المدني لمولاه، رمز بها على جهوده الحربية، فصور في أعلاها مجموعة من رموز الأرباب تدل على تأييدهم له في حروبه وعلى تحالف أنصارهم تحت رايته، كما صور رموزًا لبعض الجماعات التي أخضعها، وفي ذلك ما يوحي بدوره في الكفاح لتحقيق الوحدة التاريخية المرتقبة.
وخدم فنان المقمعة فنه كما خدم ملكه، فصوره في هيئة فارعة متكاملة تعتبر السلف الصادق لصور الملوك المصريين في عصورهم التاريخية. وأظهر أتباعه حوله في حيوية لطيفة، وصورهم وهم يؤدون أعمالهم تصويرًا جانبيًّا سليمًا فيما خلا العين التي صورها كاملة. ولم ينس أن يعبر عن بيئة الحفل بما يدل عليها من ماء وزرع ورقص ومساكن ومعابد، على الرغم من صغر المساحة التي صورها عليها، وعلى الرغم من قدم العهد الذي صورها فيه[2]. [1] Hierakanpolis, I, Pls. XXV, 2, XXVI, C. [2] راجع مناقشة أكثر إسهابًا لهذه النقوش وبقية نقوش العقرب لدى: عبد العزيز صالح: المرجع السابق – ص216 - 220.
صلاية الفحل:
امتازت من صلايات الكفاح للوحدة صلاية تعرف اصطلاحًا باسم صلاية الفحل[1]، بقي جزء منها، تصدر نقوشه فحل عنيف نفرت عروقه وهجم بقرنيه العظيمين على عدوه فألقاه على وجهه وضغط بحافره [1] Capat, Op. Cit., Figs. 165-166; Legge, Op. Cit. Iv; Bénédite, Op. Cit., Figs. 6-7.
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح الجزء : 1 صفحة : 69