responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 57
القلة إلى الظروف الطبيعية والبيئية التي أحاطت بالدلتا القديمة، من حيث انخفاض أرضها، وكثرة فروعها المائية، وشدة طغيان الفيضانات عليها، وكثرة ترسيب الطمي فيها، وانتشار المناقع في مناطقها الشمالية، وما ترتب على ذلك كله من ارتفاع نسبة الرطوبة في تربتها وسرعة تحلل الآثار فيها.
ولكن ظروف الدلتا القديمة كان ذات شقين ولم تكن شرًّا كلها، فليس من المستبعد أن كثرة تعرض أراضيها لأخطار الفيضان كانت حافزًا لأهلها على مداومة الكفاح والأخذ بأسباب التعاون والتقارب لدرء هذه الأخطار عن أراضي الزراعة وأراضي المساكن. وليس من المستبعد كذلك أن طمع بدو الصحراوين الشرقية والغربية في خصوبة الدلتا كان دافعًا آخر لأهلها على التعاون لدرء شرهم، وحافزًا لهم على التجمع في وحدات سياسية مبكرة متكاتفة. ويبدو أن قلة المواد الأولية في الدلتا كانت دافعًا ثالثًا شجع أهلها على التعاون لتيسير الحصول عليها من مصادرها، مثل الظران من جنوب الدلتا، والنحاس من شبه جزيرة سيناء والأحجار الملونة من جبال البحر الأحمر، والأصداف من سواحل البحر الأحمر والبحر المتوسط[1]. وأضاف بعض الباحثين عوامل أخرى نسوقها على شك فيها، ومنها أن اتساع رقعة أراضي الدلتا وانفساحها أديا إلى نوع من رحابة أفق التفكير عند أهلها، بعكس أراضي الصعيد الزراعية الضيقة التي تحدها التلال والجبال. وأن سهولة اتصال الدلتا ببقية حوض البحر المتوسط كانت من دوافع تقدمها على عكس الصعيد قليل الاتصالات[2]، "وإن كنا نعلم من جهة أخرى أن حضارات الدلتا والصعيد ظلت في مجموعها أكثر رقيًّا من حضارات البحر المتوسط كله خلال فجر التاريخ، وذلك ما يعني ضعف احتمال استفادة الدلتا منها".
وإلى جانب منطقة مرمدة بني سلامة التي نشأت على الحافة الجنوبية الغربية للدلتا في أوائل العصر الحجري الحديث، أدى البحث الأثري إلى الكشف عن مناطق عمران أخرى عند رأس الدلتا القديمة، في عين شمس والمعادي وطرة، وكانت ثلاثتها نقطًا متصلة في سلسلة من مناطق العمران لا تزال أغلب آثارها دفينة في الأرض حتى الآن، وكانت المعادي أهمها[3].
ومضت كل من الحضارتين الصعيدية والبحيرية في سبيلها، وتطورت كل منهما بما يناسب بيئتها وثراء أرضها، ومدى الاتصال والترابط بين أقاليمها، ومدى توافر المواد الأولية فيها أو قرب أرضها، حتى انتظمت الأحوال السياسية لأهل الحضارة الشمالية وتجمعت سلطاتها أو سلطات أكبر أقاليمها في يد ملك

[1] انظر عن آراء أخرى تعارض هذه الاحتمالات:
Basmgartel, Op. Cit., 3 F., 8, 18; H. Kees, Das Alte Agypten, 11, Etc ……..
[2] ت. إريك بيت: في تاريخ العالم "نشرة هامرتون" – معرب بالقاهرة، ص510، دريوتون وفاندييه: مصر – معرب بالقاهرة – ص47 - 48.
[3] راجع عن المعادي:
O. Menghin & M. Amer, The Excacations Of The Egyption Unversity In The Neolithic Site At Maadi, Vols. I-Iii.
مصطفى عامر: بعض نتائج الحفر في المواسم الخمسة الأولى بالمعادي – 1936 وانظر ما كتبناه عنها في مرجعنا السابق – ص151 - 156.
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 57
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست