responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 553
باسوداد وجهه، أي بخسوفه. كما شاركته الدعوة إلى رعاية المعابد سيدة عجوز لعلها كانت أمه، تعدت المائة في عهده وكانت لا تزال ذات سلطان وقوة جسدية وعقلية كاملة[1].
وجرب نابونهيد أن يكون سياسيًّا، فتظاهر بمناصرة قورش الفارسي ضد الماذيين حلفاء بابل بالأمس، وهدف من ذلك تخليص مدينة حران الآشورية من سلطانهم لحسابه، ونجح في استعادتها فعلًا وجدد معبدها[2]، فكانت من الحسنات القليلة التي أداها لدولته. ثم تمادى في الثقة بنفسه فغزا شمال سوريا حتى وصل حماة وجبال أمانوس، وغزا جنوبها حتى إدوم وغزة. ولأمر ما أناب عنه على عرش بابل ولده بال شار أوصر "بعل إحم الملك"، واتجه إلى واحة تيماء[3]، ربما ليحيي أهميتها التجارية على الطريق التجاري بين ساحل البحر المتوسط وشمال غرب شبة الجزيرة العربية وبين العراق، ثم ينتفع باقتصادياتها، أو على أمل أن يستعين بها وبوسطها البدوي على تطعيم جيشه بقوات فتية يحيي بها مجد دولته ويستعد بها لمعركة قريبة لا محيص عنها بينه وبين الفرس الطموحين، أو ليتخذها ملجأ أخيرًا له لو عجز أمام الفرس.
ولكن خاب أمل الرجل في هذا كله وخابت سياسته مع تيماء وجيرانها؛ إذ اشتد عليها وقتل ملكها، ثم سورها وأقام بها بضع سنوات في قصر جديد، على الرغم من سوء ظنه بأهلها وسوء ظنهم به، بينما أناب عنه ولي عهده في العاصمة بابل سرة الدولة التي وجب عليه أن يرعاها بنفسه. وعندما عاد إليها في عام 545ق. م. كان سوء الإدارة قد عمل عمله فيها، وانتشرت المجاعة حولها[4]. وفي هذه الظروف صحت عزيمة الملك الفارسي على ضمها إلى ملكه في بداية تنفيذ مشروعه لغزو الهلال الخصيب كله. وهنا حاول نابونهيد أن يجمع الأحلاف حوله، ولكنه لم ينجح في ذلك غير نجاح قليل، وخشي الآخرون من بطش الفرس العتاة. ويبدو أن كلف نابونهيد بآثار الماضي جعله يكثر من صور وتماثيل آلهة المدن الأخرى القديمة في عاصمته مما جلب عليه كره كهنته. فاستعاض عن ولائهم باستدعاء تماثيل المعبودات إلى بابل ليشتركوا مع إلهها مردوك في حمايتها، ولكنه بمعبوداته كان أقل من أن يقف أمام الطوفان الفارسي فانهزم. ودخل قورش بجيوشه إلى بابل وادعى في نصوصه أنها فتحت أبوابها له ورحبت به ملكًا رد عليها مقومات الحياة، وروى أن أهلها فرشوا طريقه فيها بالرياحين.
وزاد قورش، أو من كتب نصوص النصر على لسانه، فرمى نابونهيد بالكفر والسخافة وتعقيد طقوس الأرباب، بل وبفساد الذوق حتى في اختيار تمثال معبوده الذي بدا وجهه فيه قائمًا كهيئة القمر في المحاق، ووصلت جدائل شعره حتى عرقوبيه. واتهمه بأنه تسبب في قتل نبلائه وتعطيل طرق التجارة

[1] Anet, 311, 560-62.
[2] S. Smith. Babylonian Hisrtorical Texts. 1924. 27 F.
[3] See, J. Lewy, Huca, 1946, 434 F. ; R..P.Dougherty, Nabonidus And Belshazzar, New Haven. 1929 ; Mizraim. I ;1933;, 140 F.; W.F. Albright. Jras. 1925. 293 F.
[4] R.P.Dougherty, Records From Erech.1920.No.154; "Nabonidus In Arabia. Jaos, Xlii. 395 F. ; Anet. 1968.562-63
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 553
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست