responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 537
ولم يخل الأدب الآشوري الخالص من مزايا خفيفة في تقاريره وأقاصيصه الحربية بخاصة، فوصف كاتب مدينة السامرة في حوليات العام الثامن لفاتحها سرجون الآشوري، قائلًا على لسانه: "لقد كانت قمة عظيمة ترتفع مثل سن الرمح وتسمو فوق الجبال حتى لكأنها رأس تعتمد السماء عليه، ولها جذور تمتد حتى تصل إلى قلب الجحيم. وكانت من خارجها كالسلسلة الفقرية للسمكة لا تسمح لأحد بالنفاذ منها". ولم يقصد كاتب سرجون بذلك أن يشيد بالمدينة، ولكنه ابتغى أن يشيد بمجهوده في تحطيمها على الرغم من حصانتها؛ إذ أتبع ذلك بوصف مسالكها الوعرة ثم عقب بخططه الحربية في تذليلها بفضل سعة أفقه وما أوحى أربابه به إليه. وعلى الرغم مما حفل به هذا الأدب الحربي من مبالغات وادعاءات ظل ذا قيمة لا تنكر في احتفاظه بأخبار شعوب قديمة لم تترك وثائق مكتوبة تنم عن تاريخها، مثل القبائل العربية الشمالية والقبائل الجبلية الشمالية، وإن كان قد صور أخبارها من وجهة نظره الخاصة.
ولعبت العرافة دورها في حياة الآشوريين، وتقبلها ملوكهم قبول حسن، وتكفل بها كهنة وكاهنات كان من أنشطهم كهنة المعبود آشور وكاهنات المعبودة إشتار ... ، ويبدو أنهم كانوا ينطقون بتنبوءاتهم وهم في غيبوبة أو حالة انجذاب فتؤخذ على أنها صادرة من روح المعبود عن طريق وساطتهم، ثم يدونها كتبتهم ويرسلونها إلى القصر إذا كانت تتعلق بشخص الملك ومشروعاته. ومن طريف ما تلقاه آشور أخادين من كاهنة إشتار أنها بعد أن وعدته النصر على أعدائه توقعت ... في تصديق نبوءتها، فقالت له "ماذا في قولي الذي تحدثت به إليك لا تستطيع أن تعتمد عليه ... ؟ وقالت له كاهنة أخرى من أبلا تدعى "بعلة أبيشا" على لسان ربتها إشتار: " .... لِمَ لَمْ تصدق النبوءة السابقة التي تحدثت بها إليك؟ صدق هذه، وادعني يوم اشتداد العاصفة ... ، واشكرني ... " .... حروب آشور بانيبال مع إخوته وفي أنحاء مملكته مجالًا خصبًا لتنبوءات العرافين وأمنيات المتزلفين، فأرسل إليه رجل يذكره برؤيا رآها جده ووعده آشور النصر خلالها، ... ثم دعا له بأن يفتح أقطارًا لم يفتحها أبوه ... ، وأرسل إليه يخبره بأنه رآه في منامه ورأى معه الربة إشتار ودار بينه وبينهما حديث انتهى بطبيعة الحال بتأكيد رعاية الربة له وتأييدها إياه[1].
هذا عن أدوار المجد الآشوري، أما عن مرحلة انهياره، فهذه نتناولها في صفحات تالية مع مسبباتها المباشرة.

[1] See, R. H. Pfeiffer, “Akkadian Oracles And Prophstes”, Anet, 449-451; A. Goetze, Old Babylonian Omen Texts, 1947.
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 537
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست