اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح الجزء : 1 صفحة : 512
وخضعت بابل للحكم الآشوري المباشر، ثم تقلد تيجلات تاجها وخلع على نفسه ألقاب ملوكها ولا سيما لقب ملك سومر وأكد، في عام 729 أو 728ق. م.
واتبع تيجلات بيليسر أربع وسائل لتثبيت قبضته على أطراف دولته وممتلكاتها، وهي: تعيين حكام آشوريين على مدنها الكبيرة دون الاكتفاء بحكامها المحليين، وإيفاد مندوبين فوق العادة لتفقدها وتنفيذ مطالب دولته منها، وربما كان من أولئك المندوبين من يلقبون بلقب رابشاق الذي ذكرته بعض قصص التوارة[1]، وفرض عبادة الرباب الشوريين على بعض أهل المدن العنيدة "مثل غزة" ثم تشريد أغلب أهل المناطق المفتوحة الخطرة، وتهجير أغلب الأيدي العاملة منهم إلى بلاد أخرى بعيدة عنها، حتى لا تقوم لبلادهم قائمة، مع إحلال غيرهم من مناطق بعيدة محلهم حتى يضغطوا على السكان الأصليين أو يظلوا بينهم أغرابًا مستضعفين، وتهجير بعض آخر إلى دولة آشور نفسها حتى يظلوا تحت إشراف حكامها وحتى يمكن استغلالهم في خدمتها استغلالها مباشرًا، فضلًا عمن يستعبدون منهم استعبادًا تامًّا عند خاصة أهلها.
وكان من هذا القبيل أن أمر في عامه الثالث بتهجير ثلاثين ألفصا وثلاثمائة شخص من سكان المنطقة السورية التي تمتد بين حماة وبين البحر إلى منطقة تسمى كو ... ، وتهجير 1223 آخرين إلى منطقة تدعى الأبا[2] ويبدو أنه أحل محلهم سكانًا جلبهم رجاله من منطقة لولومو في جبال زاجوراس ومن ناييري قرب بحرية فان. وهجر بأمره في عام آخر عدد كبير من أهل "بيت خومريا"[3] أي أرض عمري في منطقة العبرانيين، إلى آشور. بل وروت نصوصه أنه هجر بأمره أكثر من مائة ألف من أنصار ... في بابل نفسها بعد أن أخضعها لحكمه المباشر.
ومن أهم ما يرتبط بعهد تيجلات بيليسر، من وجهة النظر العربية، هو صدام جيوشه مع قبائل عربية كثيرة انتشرت على الطريق التجاري القديم في شمال شبه الجزيرة العربية بين البحر الأحمر وبين العراق. وذكرت نصوصه أسماء فريدة نتناولها في بحثنا لتاريخ شبه الجزيرة العربية فيما بعد، ومنها اسمان لمملكتين أطلقت على كل منها لقب "ملكة أريبي" وهما: زبيبي "تحريفًا فيما يبدو عن زبيبة" وقد ذكرت أنها أدت الجزية لآشور واعترفت بالطاعة لملكها، ثم سمسي "تحريفًا عن شمس" وذكرتها النصوص الآشورية في مناسبتين: مناسبة أدت الجزية فيها للملك الآشوري في بداية عهدها، ومناسبة أخرى قلبت له فيها ظهر المجن ونقضت إيمانها بالمعبود شمش، على حد تعبير النصوص الآشورية، فساعدت الأراميين أعداءه، وتركت رجالها يتعرضون لقوافله، فحاربها الآشوريون حتى أجبروها على الفرارا وضيقوا على كثير من أعوانها حتى أهلكهم الجوع، فاضطرت إلى الإذعان وتأدية الجزية، ولكن الملك الآشوري [1] See For, "Rebshaq": W. Manitius, Za, Xxiv, 199 F; B.Meissner, Bobylonien And Assyrien I, 103. [2] D. Luckenbill, Ancient Records, I, 770 [3] Ibid. 819.
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح الجزء : 1 صفحة : 512