responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 488
واسترسل الرجل في توجعاته، ولكنه أنهى شكاواه بما جعله يمجد رب الحكمة، إذ تواردت الرؤى عليه، وتجلى له فيها رسل ربه الأكبر، فحملوا له أنباء عفوه، ثم تجلى له ربه مردوك بنفسه فباركه وشفى علته في النفس والبدن وجعله يوقن بحكمته في بلائه وبأن العقبى للأخيار مهما توارت عليهم المصائب.
بين يائس وواعظ:
هذه قصيدة أخرى ضمنها ناظمها وجهتي نظر في تصاريف القدر وحظوظ البشر، وأجرى أفكارها على لسان صديقين، صديق يبرح به وعانى ألوانًا من العذاب، وأخذ يتكلم باسم الواقع ويعبر عن مرارته، ويبحث عمن يسمع له ويتفهم غرضه من شكواه. وصديق آخر مجامل متفائل يتكلم باسم الدين ويدعو إلى الصبر وإلى الثقة بعدالة الرب. ناء أولهما بزمانه الذي يبجل الثري اللئيم، وليس فيه من يأخذ بيد المستقيم، وتساءل: "هل "ترى إلى" الأسد الفاتك الذي ينعم بأكل خير اللحوم يقدم قربانًا وبخورًا لربته ليهدئ غضبها "ويجعلها تناصره"؟ ". فيرد الآخر بقوله "إنه عدو القطيع، ذلك الأسد الذي نوهت به، وتذكر أنه من أجل زئير الأسد تحفر له الحفر، وذاك الذي تقول إنه اجتبى بالثروة وتكدست خيراته، قد يهلكه الحاكم ويجعله طعامًا للنار في وقته المعلوم، فهل تريد أن تسلك سبيلهم؟ أجمل بك أن تتوخى رضا الرب ... ". وهنا يقول الأول: "منذ طفولتي بحثت عن تدبير الرب، وفي خشوع وتقوى تلمست الربة، ومع ذلك حملت بأنواع السخرة دون فائدة، وأعطاني الرب حرمانًا عوضًا عن الغنى". فيجيب الآخر: "لقد أبيت الحق، وضللت عن تدبير الرب، ولا تحسبن أن إرادة الإله تسير وفق رغبة نفسك، فإنما الطهر الحقيقي للربة هو الذي أهملته، ... وأمر الرب والربة لم يبلغ منك القلب"، إلخ[1].
التابع الساخر:
قريب من الضياع السابق الذي تاه الناس فيه بين الخطإ وبين الصواب، ورأى الإنسان الشر فيه في موضع الإحسان، والإحسان فيه في موضع الإساءة، حوار ساخر أجوف بين سيد وعبده، صور الشك في القيم الاجتماعية السائدة، وجعل العبد صوت سيده، والسيد أسير تملق خادمه. وصور لكل شيء وجهين، كلاهما مقنع ولكنه مغرض. ويبدأ الحوار بقول السيد في تعاظم: "عبدي، أصغ إلي". فبرد العبد مطيعًا: "لبيك مولاي، لبيك". ويقول السيد متحمسًا: "أعد لي العربية فورًا فلسوف أنطلق إلى القصر". ويجيب التابع محبذًا "انطلق مولاي انطلق، فلسوف يتحقق لك كل ما ترجوه، وسوف يكون الملك حفيًّا بك". فلا يلبث السيد أن

[1] R.H. Pefeiffer, Op. Cit., 429 F.; Recueil Edward Dhorme, Paris, 1951, 685 F.; R. Biggs, Anet, 1969, 602-604.
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 488
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست